من
الأسماء التي رأيتها في دفتر الغريب في هذا الفصل اسم (كلود كاهن)[1]، فسألت الغريب عنه، فقال: هذا رجل
من مستشرقي فرنسا الكبار، وله شهادات صادقة جعلتني أضعه في هذا الدفتر.
قلت:
فاذكر لي منها ما تراه.. فإن مثل هذه الشهادات تملأ النفس رضى، وتقرب إلينا عقولا
كنا نظن أنفسنا أبعد الناس عنها.
قال:
شهاداته مثل شهادات غيره ذات مناحي مختلفة.. منها ما يتعلق بالرسول a، ومنها ما يتعلق بالإسلام
وشرائع الإسلام.. ومنها ما يتعلق بالحضارة الإسلامية، والمجتمع المسلم..
قلت:
فحدثني عن شهاداته عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
قال:
منها اعتباره رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أعظم الشخصيات العالمية، فقد قال: (اصطبغت شخصية محمد بصبغة
تاريخية قد لا تجدها عند أي مؤسس آخر من مؤسسي الديانات الكبرى)[2]
ويذكر القيم النبيلة التي كان يتحلى
بها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فيقول: (يبدو للمؤرخ المنصف أن محمدًا كان في عداد
الشخصيات النبيلة السامية التي سعت في كثير من الحماس والإخلاص إلى النهوض بالبيئة
التي عاش فيها أخلاقيًا وفكريًا، كما استطاع في الوقت نفسه أن يكيف رسالته حسب
طباع الناس وتقاليدهم بمزيد من الفهم والتنظيم بحيث كفل البقاء والخلود للرسالة
التي بشر بها.. وحتم علينا أن نلقى محمدًا بعواطف الإجلال والاحترام لما
[1] كلود كاهن Cl. Cahen ولد عام 1909، وتخرج باللغات الشرقية من السوربون ومدرسة اللغات
الشرقية ومدرسة المعلمين العليا، وعين محاضرًا في مدرسة اللغات الشرقية في باريس
(1938)، وأستاذًا لتاريخ الإسلام في كلية الآداب بجامعة ستراسبورغ (1945)، وفي
جامعة باريس.
من آثاره: عدد كبير من الدراسات
والأبحاث في المجلات الشهيرة، وحقق العديد من النصوص التاريخية المهمة، كما أنجز
عددًا من المؤلفات عن الحروب الصليبية.