تحلى به
من سمو الإلهام ومن قدرة على تذليل العقبات الإنسانية عامة والتغلب على مصاعبه
الشخصية خاصة. وربما أثارت فينا بعض جوانب حياته شيئًا من الارتباك تبعًا لعقليتنا
المعاصرة. فقد أكدت المهاترات على شهوات الرسول الدنيوية وألمحت إلى زوجاته التسع
اللائي اتخذهن بعد وفاة خديجة، لكن الثابت أن معظم هذه الصلات الزوجية قد طبعت
بطابع سياسي، وأنها استهدفت الحصول على ولاء بعض الأشراف وبعض الأفخاذ [1].. ثم إن العقلية العربية تقرّ
الإنسان إذا استخدم طبيعته على نحو ما خلقها الله)[2]
ويتكلم
عن بعض المنجزات الكبرى لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فيقول: (نشأ الرسول في مجتمع بلا دولة، فكان، على نحو لا
تتبينه إلا العقول العصرية مبشرًا بدين، ومنظمًا لمجتمع دنيوي. ونتج عن ذلك أن
القانون الاجتماعي صار جزءًا متماسكًا مع القانون الديني، كما كان احترام القانون
الاجتماعي جزءًا مكملاً لطاعة الله تعالى. كان الوحي بذاته – إذن – هو الأساس المشترك للعقيدة
وللتنظيم الزمني. فكان المجتمع نفسه هو الدولة والدين، ولم يتسنّ لأحدهما أن يبقى
وحده نظامًا قائمًا بذاته.. لقد كان هذا التوجيه حاسمًا، ولم تستطع العقول أن
تتخلى عنه إلى مدة غير قصيرة، وكان من نتائجه في العصور التالية أن الرجل المسلم
أصبح يطلب من نظامه السياسي أن يكون على جانب من الكمال، فإن فقد ذلك فقد أيضًا
مبدأ الطاعة المحتمة عليه إزاء هذا النظام)[3]
ويشيد
بعلم الحديث، وقدرته التمحيصية، باعتباره العلم المصفي لكل ما ورد عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فيقول: (الحق أننا نتجاوز النقد
العلمي الصحيح إذا نحن أنكرنا على كل حديث صحته أو قدمه. ولقد باشر العلماء بمثل
هذا التمحيص منذ عهد بعيد فوجدوا أن التحريف أو
[1] انظر التفاصيل المرتبطة
بالرد على هذه الشبهة في رسالة (النبي المعصوم) من هذه السلسلة.