وقالت:
(اجتنابًا للإغراء بسوء ودفعًا لنتائجه يتعيّن على المرأة المسلمة أن تتخذ حجابًا،
وأن تستر جسدها كله، ماعدا تلك الأجزاء التي تعتبر حريتها ضرورة مطلقة كالعينين
والقدمين. وليس هذا ناشئًا عن قلة احترام للنساء، أو ابتغاء كبت إرادتهن، ولكن
لحمايتهن من شهوات الرجال. وهذه القاعدة العريقة في القدم، القاضية بعزل النساء عن
الرجال، والحياة الأخلاقية التي نشأت عنها، قد جعلتا تجارة البغاء المنظمة مجهولة
بالكلية في البلدان الشرقية، إلا حيثما كان للأجانب نفوذ أو سلطان. وإذا كان أحد
لا يستطيع أن ينكر قيمة هذه المكاسب فيتعين علينا أن نستنتج أن عادة الحجاب.. كانت
مصدر فائدة لا تثمن للمجتمع الإسلامي)[1]
سكت
الغريب، فقلت: لا أرى إلا أن هذه المرأة الصالحة امرأة مؤمنة تكتم إيمانها،
فيستحيل على من يفيض قلبه بهذه الكلمات أن لا يكون قد امتلأ عشقا لهذا الدين،
ولنبي هذا الدين.
قال:
صدقت.. فقد يتكلف المرء كل شيء إلا في هذا.
دافيد دي سانتيلانا:
من
الأسماء التي رأيتها في دفتر الغريب في هذا الفصل اسم (دافيد دي سانتيلانا) [2]، فسألت الغريب عنه، فقال: هذا رجل
كتب له أن يعيش بين المسلمين.. وكتب لعينيه أن تكتحلا بجمال الشريعة.. ولذلك تجد
في كلماته من الصدق ما يرفعه في عينك إلى مرتبة قد تخطئ
[2] دافيد دي سانتيلانا (
1845 – 1931 ) ولد في تونس، ودرس
في روما، أحرز الدكتوراه في القانون، فدعاه المقيم العام الفرنسي في تونس لدراسة
وتدوين القوانين التونسية، فوضع القانونين المدني والتجاري معتمدًا بذلك على قواعد
الشريعة الإسلامية ومنسقًا إياهما بحسب القوانين الأوروبية. كان على معرفة واسعة
بالمذهبين المالكي والشافعي، وفي سنة 1910 عين أستاذًا لتاريخ الفلسفة في الجامعة
المصرية، وله محاضرات قيمة فيها. ثم استدعته جامعة روما لتدريس التاريخ الإسلامي.
من آثاره: (ترجمة وشرح
الأحكام المالكية)، كتاب (الفقه الإسلامي ومقارنته بالمذهب الشافعي).. وغيرها.