نام کتاب : منابع الهداية الصافية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 226
الله a ـ تعالى عن ذلك علوا عظيما ـ كان قد توهم أنه بلَّغه مع أنه لم
يبلغه..
وقد يجادلنا هنا مجادل، كما تعودوا،
ويقول: لا.. ليس الأمر كما تظنون.. بل الأمر مرتبط بحياة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم العادية.. وهنا يأتي الجواب
القرآني الواضح والدقيق والدال على أن حياة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم كلها دعوة وبلاغ عن الله، قال تعالى: ﴿مَا ضَلَّ
صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا
وَحْيٌ يُوحَى (4)﴾ [النجم: 2 - 4]
فإن جادلوا في الآية، أو أولوها،
فليقرؤوا ما ورد في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء سمعته من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فنهتني قريشٌ وقالوا:
تكتب كل شيء ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بشرٌ يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فأومأ بأصبعه إلى فيه،
فقال: (اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حقا)[1]
فإن جادلوا، وذكروا بأن هذا النوع
من السحر انحصر أثره في علاقة النبي ﷺ الجسدية مع أزواجه، فكان يخيل إليه
أنه يأتي نساءه من غير أن يكون ذلك حقيقة، كما رووا عن عائشة أنها قالت: (مكث
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه
يأتي أهله، ولا يأتي)[2]، فذلك لا يقل عجبا،
لأنه يضع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في موضع تهم خطيرة يكفي تخيلها لنفور النفس منها.. لكن هؤلاء
للأسف إما أنهم لا يعرفون معنى ما يقولون، أو أن صورة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في خيالهم لا تختلف عن صورة
ذلك الذي أصيب بالهلوسة، فصار يتخيل ما لا يكون، ويفعل ما لا يعقل.
ولم يكتف هؤلاء بهذا، بل تصوروا أن
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
الذي آتاه الله من القدرات
[1]
رواه أبو داود (3646)، وقال العراقي في تخريج الإحياء (2379): رواه الحاكم وصححه.