نام کتاب : منابع الهداية الصافية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 228
والعجيب أن هؤلاء الذين يبالغون في الدفاع
عن تلك الروايات، يذكرون في كتبهم أن لهم القدرة على اكتشاف السحر من غير حاجة إلى
ملائكة معصومين يخبرونهم به.. فهل يجدون لأنفسهم من الطاقات للتواصل بعالم الغيب
أكثر مما كان عليه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم؟
ولهذا نجد المحققين من العلماء
يردون تلك الأحاديث وأمثالها مما يشوه النبوة، ويرفع الثقة عنها، ومنهم المفسر
الكبير الفخر الرازي الذي قال في تفسيره [مفاتيح الغيب] عند تفسير المعوذات في ذكر
سبب نزولها وحديث سحر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (قال القاضي هذه رواية باطلة،وكيف يمكن القول بصحتها، والله
تعالى يقول:﴿ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [ المائدة: 67 ]
وقال: ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ [ طه: 69 ] ولأن
تجويزه يفضي إلى القدح في النبوة؛ ولأنه لو صح ذلك لكان من الواجب أن يصلوا إلى
ضرر جميع الأنبياء والصالحين، ولقدروا على تحصيل الملك العظيم لأنفسهم، وكلُّ ذلك
باطلٌ، ولكان الكفار يعيرونه بأنه مسحور. فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفار صادقين
في تلك الدعوة، ولحصل فيه - عليه السلام - ذلك العيب، ومعلوم أن ذلك غير جائز)[1]
ومنهم الفقيه والمفسر الحنفي الكبير
أبو بكر الجصاص الذي قال في كتابه [أحكام القرآن]: (زعموا
أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم سُحر، وأن السحر عمل فيه
حتى أنه يتخيل أنه يفعل الشيء ولم يفعله.. وقد قال الله تعالى مكذباً للكفار فيما
أدعوه من ذلك للنبي a: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا
مَسْحُورًا﴾ [الفرقان: 8].. ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعباً
بالحشوا الطغام واستجرار لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام،
والقدح فيها)[2]