وكنماذج تطبيقية عن أقوام الأنبياء، وتبديلهم وتغييرهم، ذكر موقف أتباع
سليمان عليه السلام، فقال: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى
مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا
يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: 102].
بل إن الله تعالى ذكر أن الفساد والانحراف يبدأ في عصر النبي قبل وفاته،
وقد ضرب لنا المثل ببني إسرائيل في عهد موسى عليه السلام، والذين عبدوا العجل
بمجرد غيابه مباشرة، قال تعالى ـ ذاكرا ما حصل وأسبابه ـ: ﴿وَمَا
أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي
وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ
مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ
غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا
أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ
مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ [طه: 83 - 86]
وهكذا أخبر القرآن الكريم أن هذه الأمة لا تختلف عن سائر الأمم في هذه
السنة، ولو أنها كانت متميزة عنها في ذلك لاستثنى، قال تعالى: ﴿وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ
أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾
[آل عمران: 144]
بل ورد في آية أخرى الدلالة على أن الأمة ستفترق بعده a إلى ثلاث فرق، قال تعالى: ﴿وَالَّذِي
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ
هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: 31، 32]
ولهذا؛ فإن الذي لا يتجرأ على الوقوف مع الحق، بل يكتفي بالحياد، أو
الوقوف مع
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 145