نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146
أهل الباطل مراعاة له، لا يمكنه أن يدعي التحقق بالمراتب العليا من
الكمال حتى لو كثرت صلاته وصيامه، كما دلت على ذلك الأحاديث الكثيرة التي سنوردها.
ولهذا نجد القرآن الكريم يخبر أن من سنة الله تعالى اختبار كل الناس،
وخصوصا الصالحين منهم، قال تعالى: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أموالكُمْ
وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأمور﴾ (آل عمران:186)، وقال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
بِ شيء مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأموال وَالْأَنْفُسِ
وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ (البقرة:155)، وقوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد:31)
فالله تعالى يحضر الأنفس المؤمنة لاستقبال البلاء بما يخبر به من سنته في
خلقه وسنته في المؤمنين، حتى تتأدب الأنفس بأدب الصبر العظيم الذي يوفر لها الطاقة
على تحمله.
ويذكر الله تعالى أن العلة من ذلك كله هي اكتشاف المؤمن لنفسه، وتشخيصه
لأدوائه، ذلك أنه لا يمكنه أن يشخصها، وهو بعيد عن الاختبار، وإلى ذلك الإشارة بما
ورد في القرآن الكريم من أن المقصد من البلاء، ليس ذات البلاء، وإنما تمحيص
الأنفس، وتبيين حقيقتها، والتفريق بين الطيب والخبيث، قال تعالى: ﴿مَا
كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى
يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
(آل عمران:179)
ولهذا فإن الكثير من مثالب النفس الأمارة لا يمكن معرفتها من دون الابتلاء،
ولهذا يخبرنا الله تعالى عن نموذج من نماذج البلاء الذي قام به طالوت لتمييز
جنوده، فقال: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ
مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ
يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا
مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 146