نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 223
من الريب والاحزان.. فلعلك يا أحنف شغلك نظرك في وجه واحدة تبدي الاسقام
بغاضرة وجهها، ودار قد اشتغلت بنفس روأتها ستور قد علقتها، والريح والاجام موكلة
بثمرها وليست دارك هذه دار البقاء فأحمتك الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة
بيضاء ونشفق فيها أنهارها وغرس فيها أشجارها، وظلل عليها بالنضج من أثمارها وكبسها
بالعوابق من حورها، ثم أسكنها أولياءه وأهل طاعته.. فلو رأيتهم يا أحنف وقد قدموا
على زيادات ربهم سبحانه، فاذا ضربت جنائبهم، صوتت رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون
بأحسن منها، وأظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك والرادن وصهلت خيولها بين أغراس تلك
الجنان، وتخللت بهم نوقهم بين كثب الزعفران، ويتطأ من تحت أقدامهم اللؤلؤ
والمرجان، واستقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان، وتفاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت
عليهم الياسمين والاقحوان، وذهبوا إلى بابها فيفتح لهم الباب رضوان، ثم سجدوا لله
في فناء الجنان فقال لهم الجبار: ارفعوا رؤوسكم فاني قد رفعت عنكم مؤنة العبادة،
وأسكنتكم جنة الرضوان.. فان فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركن في
سرابيل القطران ولتطوفن بينها وبين حميم آن، ولتسقين شرابا حار الغليان في أنضاجه،
فكم يومئذ في النار من صلب محطوم، ووجه مهشوم، ومشوه مضروب على الخرطوم قد أكلت
الجامعة كفه، والتحم الطوق بعنقه.. فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها،
ويصعدون جبالها، وقد البسوا المقطعات من القطران، واقرنوا مع فجارها وشياطينها،
فاذا استغاثوا بأسوأ أخذ من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها، ولو رأيت مناديا
ينادي وهو يقول: يا أهل الجنة ونعيمها ويا أهل حليها وحللها، خلدوا فلا موت،
فعندها ينقطع رجاؤهم وتنغلق الابواب، وتنقطع بهم الاسباب، فكم يومئذ من شيخ ينادي:
واشيبتاه! وكم من شاب ينادي واشباباه! وكم من امرأة تنادي وافضيحتاه، هتكت عنهم
الستور، فكم يومئذ
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 223