responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 222

قربهم من يوم القيامة، من قبل أن يشاهدوها: فحملوا أنفسهم على مجهودها وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى وكتاب يبدو فيه على رؤس الاشهاد فضايح ذنوبهم، فكادت أنفسهم تسيل سيلانا أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا، وتفارقهم عقولهم إذا غلبت بهم مراجل المجرد إلى الله سبحانه غليانا، فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم، وكانوا يفجعون من خوف ما أو قفوا عليه أنفسهم، فمضوا ذبل الاجسام، حزينة قلوبهم، كالحة وجوههم، ذابلة شفاههم، خامصة بطونهم، تراهم سكارى سمار وحشة الليل متخشعون كأنهم شنان بوالي، قد أخلصوا لله أعمالا سرا وعلانية، فلم تأمن من فزعه قلوبهم. بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم في ليلتهم وقد نامت العيون، وهدأت الاصوات، وسكنت الحركات، من الطير في الوكور، وقد نهنههم هول يوم القيامة بالوعيد عن الرقاد كما قال سبحانه: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ [الأعراف: 97]، فاستيقظوا لها فزعين، وقاموا إلى صلواتهم معولين، باكين تارة واخرى مسبحين، يبكون في محاريبهم، ويرنون، يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون.. فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما على أطرافهم منحنية ظهورهم، يتلون أجزاء القرآن لصلواتهم قد اشتدت إعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خيلت النار قد أخذت منهم إلى حلاقيمهم، وإذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الأرض هونا، ويقولون للناس حسنا ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63] ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72] قد قيدوا أقدامهم من التهمات، وأبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض الناس وسجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض، وكحلوا أبصارهم بغض البصر عن المعاصي وانتحوا دار السلام التي من دخلها كان آمنا

نام کتاب : موازين الهداية ومراتبها نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست