نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 474
التسليم والتوكل
وهي من المنازل الضرورية للسالكين، وهما متكاملان
ومتناسقان؛ فلا يمكن أن يتحقق التوكل من دون تسليم واستسلام لله تعالى، ولا يمكن
أن يتحقق التسليم من دون توكل وتفويض.
وكلاهما من أعلى الدرجات العملية للإيمان، والحقائق
المقدسة المرتبطة به .. ذلك أنه يستحيل على من عرف الله وعظمته وعلمه وقدرته
ورحمته ولطفه بعباده ألا يسلم له تسليما مطلقا، وفي كل شيء.
ولذلك، لم يجادل إبراهيم عليه السلام ربه عندما أُمر
بذبح ابنه، لأنه يعلم أن رحمة الله تعالى تأبى أن تأمر بأمر ليس فيه مصلحة، ولا
فيه رحمة ولطف، ولذلك سارع إلى التنفيذ، ومن دون أي تردد، مثلما يسارع أحدنا
لاستعمال الحمية أو الدواء الذي يصفه الطبيب الخبير، ولو لم يشرح لنا سره.
وهكذا فعل إسماعيل عليه السلام، فهو ـ لثقته العظمى
بالله تعالى، وبنبوة أبيه ـ راح يأمره بأن ينفذ وعد الله تعالى، ومن دون أن يسأل
عن سره ولا عن مقصده.
وقد وصف الله تعالى فعلهما بأنه تسليم، فقال:
{فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103]، ثم بين عاقبة ذلك
التسليم، فقال: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ
الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا
عَلَيْهِ فِي الآخرينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي
الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)
وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 474