نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 569
الولاية والولاء
وهي من أعلى المنازل وأشرفها، ذلك أنها المنزلة التي
وصف الله تعالى أهلها بالقرب، وكونهم من عباد الله المخلَصين الذين وصلوا إلى
الدرجة التي لا يستطيع الشيطان فيها إغواءهم، كما قال تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا
أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ
أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا
صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 39 - 42]
ولهذا؛ فإن هذه الهبة الإلهية التي تحققت لهذا الصنف
ـ كما يذكر القرآن الكريم، وما يوافقه من الأحاديث ـ ليست مجرد هبة، وإلا لخالف
ذلك العدالة الإلهية، وإنما لما فيهم من الاستعدادات وألقابليات المبنية على
المجاهدات، ولهذا فهم مثل غيرهم من البشر يتعرضون للفتن، لكن الفرق بينهم وبين
غيرهم هو في مراقبتهم لله، ومجاهدتهم لأنفسهم كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام:
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ
كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]
فيوسف عليه السلام ـ كما تنص الآية الكريمة ـ كان مثل
سائر البشر يملك نفس الهمة الدافعة إلى الشر، ولكن الفرق بينه وبينهم هو في
مجاهدته لنفسه، بسبب برهان ربه الذي ملأ قلبه، وجعله لا يتحرك أي حركة إلا وفق
القيم التي أمر الله بمراعاتها.
وهذا هو معنى العصمة، والخلاص، والذي في إمكان أي شخص
أن يحصل عليه إذا أدمن الرياضات والمجاهدات الروحية، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ
جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ الله لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]
نام کتاب : السلوك الروحي ومنازله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 569