أن يغيروا كلمة واحدة، بل حرفا واحدا فيه أو أن يقدموا أو يؤخروا حرفا،
وكان كل همهم أن يقتربوا من الله بتلاوة هذه الآيات تلاوة صحيحة)[1]
ثم يضيف إلى هذه العوامل الفطرية، عوامل أخرى، فيقول: (علاوة على كل هذا،
فإن ذكر هذه النقطة ضرورية، وهي أن الرسول الأكرم a منذ الأيام الأولى، انتخب عددا من خواص الكتاب، ويعرفون باسم كتاب الوحي،
وتحسب هذه ميزة للقرآن، إذ أن الكتب القديمة لم تكن كذلك، كتابة كلام الله منذ
البداية تعتبر عاملا قطعيا لحفظ القرآن وصونه من التحريف)[2]
ومن العوامل الأخرى التي ذكرها مطهري لتيسير حفظ القرآن ما عبر عنه
بقوله: (وهناك سبب آخر لحسن تقبل القرآن لدى الناس، وهو الناحية الأدبية والفنية
للقرآن، والتي يعبر عنها بالفصاحة والبلاغة، الجاذبية الأدبية الشديدة للقرآن،
كانت تدعو الناس بالتوجه إليه، والاستفادة منه بسرعة، وذلك خلافا للكتب الأدبية
الأخرى، التي يتصرف فيها رواد الأدب كيفما يشاؤون، ليكملوها حسبت تصورهم، وأما
القرآن، فلا يجيز أحد لنفسه التصرف فيه، لأن هذه الآية: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ
الأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ
الْوَتِينَ}
(الحاقة،
الآية 44-46) وآيات أخرى توضح مدى عقوبة الكذب على الله، وعندما تتمركز هذه الآيات
في مخيلته ينصرف عن هذا الأمر.. وبهذا الترتيب، قبل أن يرى التحريف له طريقا إلى
هذا الكتاب السماوي، تواترت آياته ووصلت إلى مرحلة لا يمكن إنكار أو تحريف حرف
واحد منه. ولذا، لا يلزمنا البحث في هذه الناحية من القرآن،