واختلاف في نسخ المصاحف مع المصحف الامّ المحتفظ به في نفس المدينة.. وكان
من الصحابة وبعض التابعين خلال هذا الاختلاف من ينتقد نسخ المصاحف وهجاء القراءات
آنذاك، وكانوا كثرة كابن مسعود وعائشة وابن عباس وأضرابهم ومن مشى على شاكلتهم من
التابعين.. وبقي من ذلك التناوش روايات وحكايات أولعت الحشوية بنقلها وضبطها وتدوينها
في أمّهات الجوامع الحديثية، ممّا أوجب فيما بعد مشكلة احتمال التحريف في نصّ
القرآن الكريم)[1]
ثم بين كيف حاول الكثير من علماء المدرسة السنية رد تلك السجالات، لا
برفضها، أو تأويلها، وإنما بما أطلقوا عليه (نسخ التلاوة)، يقول في ذلك: (وقد حاول
جماعة من أهل النظر معالجة تلكم الروايات بأشكال فنّية، لكن من غير جدوى، بعد أن
زعموا صحّة أسانيدها وصراحة مداليلها في وقوع التحريف في نصّ الكتاب العزيز، وانتهوا
أخيرا إلى اختلاق مسألة المعلوم بطلانها وفق قواعد علم الأصول، ومن ثمّ إمّا قبولا
لها على علّاتها والأخذ بها والإفتاء وفق مضامينها ـ كما فعله فريق ـ نظرا لصحّة
أسانيدها فيما زعموا، أو رفضا لها رأسا بعد عدم إمكان التأويل)
ثم ذكر مثالا على ذلك بابن حزم الأندلسي الذي استدل لحكم الرجم ـ على
زعمه بكتاب الله تعالى ـ حيث روى بإسناده عن أبيّ بن كعب، قال: كم تعدّون سورة
الأحزاب؟ قيل له: ثلاثا أو أربعا وسبعين آية، قال: إن كانت لتقارن سورة البقرة أو
لهي أطول منها، وإن كان فيها لآية الرجم، وهي: (إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما
البتة نكالا من اللّه واللّه عزيز حكيم)، وقد علق عليها ابن حزم بقوله: (هذا إسناد
صحيح كالشمس لا مغمز