العقول الى سرّ زيادة الألف في (مائة) دون (فئة). والى سرّ زيادة الياء
في (باييد) و(باييكم)! أم كيف تتوصّل الى سرّ زيادة الألف في (سعوا) في سورة الحج،
ونقصانها من (سعو) في سورة سبأ! والى سرّ زيادتها في (عتوا) حيث كان. ونقصانها من
(عتو) في سورة الفرقان! والى سرّ زيادتها في (آمنوا) وإسقاطها من (بأو. جاؤ.
تبوّؤ. فأو) بالبقرة! ثم يقول: وكيف تتوصّل الى حذف بعض التاءات وربطها في بعض!
فكلّ ذلك لأسرار إلهيّة وأغراض نبويّة. وإنّما خفيت على الناس لأنّها أسرار
باطنيّة لا تدرك إلّا بالفتح الربّاني. فهي بمنزلة الألفاظ والحروف المقطّعة التي
في أوائل السور، فإنّ لها أسرارا عظيمة ومعاني كثيرة وأكثر الناس لا يهتدون الى أسرارها،
ولا يدركون شيئا من المعاني الإلهيّة التي اشير إليها، فكذلك أمر الرسم الذي في القرآن
حرفا بحرف) [1].
وكل هذا التكلف هو الذي أبعد الناس عن التدبر في الحقائق القرآنية
وتفعيلها في الحياة، لأنه حول من ذلك الرسم الإملائي المملوء بالأخطاء إلى وحي
مقدس، يكون التدبر فيه، لا في الألفاظ القرآنية بحد ذاتها.
ولهذا نرى العلامة محمد هادي معرفة يضع الجداول في بيان تلك الأخطاء،
وكونها تابعة للكتبة، ولا علاقة لها بالقرآن الكريم، لأن العبرة فيه بألفاظه التي
تنطق، لا بطريقة الكتابة، والتي لم تتطور في ذلك الحين إلى الشكل الذي اصطلح عليه
بعد ذلك، ولهذا كان كل كاتب يكتب بحسب ما يعرف، فبعضهم يجعل التاء مفتوحة وآخر
مربوطة، وفي نفس الكلمة.
وقد علق على ذلك كله بقوله بـ (جواز تبديل الرسم القديم الى الرسم الحاضر
بعد أن لم يكن رسم السلف عن توقيف، وإنّما هو اصطلاح منهم أو كانت الكتابة في بداءة
أمرها
[1] مناهل العرفان: ج 1 ص
375- 376 نقلا عن ابن المبارك في كتابه (الإبريز)