هذه الأمور أن نمشِيَ على ظاهِر القرآن هذا الواجب حتى يتبَيَّن لنا ما
يكون مخالِفًا لهذا الظاهر، أمَّا ما دلَّ عليه القرآن دلالة يقينية فإنَّه لا
يمكن لِشيء أن يخالفه فدلالةُ القرآن إمَّا ظاهرة وإما صرِيحة، الصريحة قطْعِيَّةُ
الدلالة ولا يمكن لشيء أن يخالفَها، والظاهرة ظنِّيَّة الدلالة فنبقى على هذا
الأصل نبقى على الظاهر حتى يتبيَّن لنا بأمرٍ قطعي خلافُه وحينئذٍ ما دام ظاهرًا
فإنه يمكن أن يُؤَوَّل) [1]
بل كان أئمة الوهابية في السعودية يتهمون القائل بكون الأرض كروية
بالتجهم، حتى أنه اتهم تقي الدين محمد بن عبد القادر الهلالي (المغربي)، بذلك مع
كونه سلفيا متشددا، حيث وشى به المسؤول عن مراقبة الدروس في المسجد النبوي
للمسئولين لأنه يقول بكروية الأرض! واشتد نكيره عليه، وقال: (هذا لا يقوله إلا
جهمي!) [2]
وكل هذا سببه الانغلاق على المدرسة التي ربوا فيها، وتصوروا أن كل خروج ـ
ولو قيد شعرة ـ على أي مبدئ من مبادئها خروج من الإسلام نفسه.
ولهذا يعتبرون العالم الذي يهتم بالعلوم العصرية عالما مبتدعا، وقد أورد
بعضهم ما ذكره سيد قطب في تفسيره عن بعض الحقائق العلمية، فقال: (إن سيداً قد أُتي
في هذا الباب من ثقته الزائدة في هذه العلوم العصرية التي افتتن بها أكثر الناس؛
كيف لا وهم يُفطمون عليها وعلى نظرياتها في مدارسهم التي تخلط الحق بالباطل) [3]
ثم نقل بعض ما ذكره سيد من الحقائق العلمية الفلكية، وقال: (كل هذا هذيان وظن، ومَن
الذي وصل إلى الشمس حتى قاس الذي بيننا وبينها.. فمن أراد النجاة