والسلامة لدينه فعليه بالعتيق والأصيل، قال صاحب رسول الله عبد الله بن
مسعود: (عليكم بالعتيق).. ولم يقل: (عليكم بالمعاصر) [1]
وانطلاقا من هذا العتيق الذي سلموا له عقولهم، راحوا يردون على كل من
يتحدث بأمثال هذه الحقائق العلمية بما ذكره عبد القاهر بن طاهر البغدادي التميمي
(المتوفى 429 هـ) في كتابه (الفرق بين الفرق) عند بيانه لـ [أوصاف الفرقة
الناجية]، وفي [بيان الأصول التي اجتمع عليها أهل السنة والجماعة]، قال: (وأجمعوا
على وقوف الأرض وسكونها، وأن حركتها إنما تكون بعارض يعرض لها من زلزلة ونحوها
خلاف قول من زعم من الدهرية أن الأرض تهوي أبداً ولو كانت كذلك لوجب ألا يلحق
الحجرُ الذي نلقيه من أيدينا أبداً، لأن الخفيف لا يلحق ما هو أثقل منه في انحداره..
والرسول a قال: (لا تجمع أمتي على
ضلالة) [2]
وقد ذكر في كتابه [أصول الدين] في [بيان وقوف الأرض ونهايتها] الوهم الذي
اعتمد عليه وسلفه في المسألة، فقال: (ولو كانت للأرض حركة دورية لأحسسنا بذلك كما
نحس بحركتها عند الزلزلة، ثم إنّا لو جعلنا قطعة من الأرض على طبق لم تدر عليه ولو
رمينا بها في الهواء لنزلت على الاستواء ولم تدر على نفسها فإذا كانت كل قطعة منها
لا تدور فكيف دارت جملتها.. فلما لم يكن كذلك بطلت هذه العلة وسائر العلل التي
حكيناها عن مخالفينا وصح بما قلنا أن الأرض واقفة بقدرة الله تعالى وإنها متناهية
من كل جهة كما بيناه وإذا بطلت أقوال مخالفينا في هذه المسألة صح قولنا فيها) [3]