ولا زالت هذه البراهين الخرافية التي ذكرها عبد القاهر البغدادي
يستعملونها، وللأسف، وبين المثقفين الدارسين للعلوم الحديثة، ولهذا لا نعجب مما
ذكرته الإحصاءات من كون السعودية من أكثر الدول العربية تعرضا للإلحاد الجديد،
ولعل من أشهر ملحديها ذلك السلفي الذي كتب كتبا في الرد على الصوفية والشيعة [عبد
الله القصيمي]، ثم اكتشف خطأ التدين السلفي، وبدل أن يصححه راح ينكر وجود الله.
وعندما نقارن هذا بما يقوله جميع المفسرين الإيرانيين نجد الفرق الكبير؛
فكلهم عند عرضهم للمسائل العلمية يتطرقون لشرحها وتفصيلها، ومن مصادرها العلمية،
حتى أن القارئ لها لا يستفيد معارف دينية فقط، بل يستفيد من كل ألوان المعرفة
العلمية والفلسفية والتاريخية وغيرها.
وكمثال على ذلك ما أورده العلامة ناصر مكارم الشيرازي عند تفسيره لقوله
تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ} [يس: 38]، فقد قال ـ تحت عنوان [حركة الشمس (الدورانية)
و(الجريانية)]: ([الدوران] لغةً يطلق على الحركة المغزلية، في حال أنّ (الجريان)
يطلق على الحركة الطولية، والملفت للنظر أنّ الآيات أعلاه، نسبت الحركتين إلى
الشمس، فقالت: (والشمس تجري)... و(كلّ في فلك يسبحون).. وقد كانت المحافل العلمية
أيّام نزول الآية متمسّكة بنظرية (بطليموس) التي كانت تقول بأنّ الأجرام السماوية
ليس فيها حركة دورانية، بل إنّ باطن الأفلاك التي تتكوّن من أجسام بلّورية متراكمة
على بعضها البعض كتراكم طبقات البصلة وثابتة، وحركتها تتبع حركة أفلاكها، وعليه
فلم يكن في تلك الأيّام معنى لا لجريان الشمس ولا غيره أمّا بعد أن تداعت الاُسس
التي تقوم عليها فرضية بطليموس في ضوء الإكتشافات الجديدة في القرون الأخيرة،
وتحرّرت الأجرام السماوية من قيد الأفلاك البلورية، فقد قويت نظرية كون الشمس هي