ويوحنا إِلى يحيى.. وعلى كان حال، فإن عزيراً ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة
في تاريخ اليهود، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأُمّة اليهود باني مجدهم
وفي الواقع فإنّ له خدمةً كبرى لدينهم، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميراً
في واقعته المشهورة، وجعل مُدُنَهم، تحت سيطرة جنوده فأبادوها، وهدموا معابدهم،
وأحرقوا توراتهم، وقتلوا رجالهم، وسبوا نساءهم، وأسروا أطفالهم، وجيء بهم إِلى
بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.. ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا، وكان من
أكابر اليهود، فاستشفعه في اليهود فشفّعه فيهم، فرجعوا إِلى ديارهم وكتب لهم
التّوراة ـ ممّا بقي في ذهنه من أسلافه اليهود وما كانوا قد حدّثوا به ـ من جديد،
ولذلك فهم يحترمونه أيما احترام، ويعدّونه منقذهم ومحيي شريعتهم، وكان هذا الأمر
سبباً أن تلقبه جماعة منهم بـ (ابن الله) غير أنّه يستفاد من بعض الرّوايات ـ كما
في الاحتجاج للطبرسي ـ أنّهم أطلقوا هذا اللقب احتراماً له لا على نحو الحقيقة..
ولكنّنا نقرأ في الرّواية ذاتها أنّ النّبي سألهم بما مؤدّاه (إذا كنتم تُجلّون
عزيراً وتكرمونه لخدماته العظمى وتطلقَون عليه هذا الاسم، فعلامَ لا تسمّون موسى
وهو أعظم عندكم من عزير بهذا الاسم؟ فلم يجدوا للمسألة جواباً وأطرقوا برؤوسهم..
ومهما يكن من أمر فهذه التسمية كانت أكبر من موضوع الأجلال والاحترام في أذهان
جماعة منهم، وما هو مألوف عند العامّة أنّهم يحملون هذا المفهوم على حقيقته،
ويزعمون أنّه ابن الله حقّاً، لأنّه خلصهم من الدمار والضياع ورفع رؤوسهم بكتابة
التوراة من جديد.. وبالطبع فهذا الاعتقاد لم يكن سائداً عند جميع اليهود، إلاّ
أنّه يستفاد أنّ هذا التصّور أو الاعتقاد كان سائداً عند جماعة منهم، ولا سيما في عصر
النّبي محمّد a، والدليل على ذلك أنّ
أحداً من كتب التاريخ، لم يذكر بأنّهم عندما سمعوا الآية آنفة الذكر احتجوا على
النّبي أو أنكروا هذا القول (ولو كان لبان). وممّا قلناه يمكن الإجابة على السؤال
التّالي: أنّه ليس بين اليهود في عصرنا