وآخره، ما منهم رجل إلّا وقد أخذ بحقويه [1] رهط من قريش، متعوذون بهم. قال ابن الحنفية: ما أمركم به صاحبكم، فأخرج إليه كتابين: في أحدهما أن اضرب عنق عبد الله بن الزبير وعنق عبد الله بن صفوان وأبعث إليّ برأسيهما، فقال ابن الحنفية: فإن أنا لم أفعل ذلك ولم أدعكم فمه؟
قال أبو عبد الله: أمرنا إن لم تفعل ذلك أن [2] نضع الكتاب تحت أرجلنا ونسمع لك ونطيع. قال: وحجّ الناس في تلك السنة وهي سنة ست وستين على ثلاثة منازل: محمد بن علي في أصحابه على حدة، وعبد الله بن الزبير في أصحابه على حدة، ونجدة بن عامر الحروري في أصحابه على حدة. فلما أفاض الناس من عرفات نزل محمد بن علي شعب عليّ بن أبي طالب، فأقام معه أبو عبد الله الجدلي في الشعب مع أصحابه [47 ب] حتى قتل المختار، فلما بلغه قتله، سار حتى نزل أيلة، فبعث ابن الزبير في طلبه ابنا للمنذر بن الزبير. قال: ولما قدم محمد بن الحنفية أيلة بعث إليه عبد الملك بن مروان:
إن أحببت أن تقدم علينا فتدخل في أمرنا فلك ما لنا وعليك ما علينا، وإن كرهت ذلك فسر حيث شئت وأحببت، فأقام بأيلة حتى قتل ابن الزبير، وانصرف إلى مكة فأقام بشعب علي [3] . ثم إنّه خرج وعبد الله بن عبّاس وجماعة من أهل بيتهما إلى الطائف، فأقاموا بها، ومات عبد الله بن عباس، ورأوا ذلّا وصغارا، فمشى بعضهم إلى بعض فتذاكروا وصية ابن عبّاس إياهم فمشى بعضهم إلى علي بن الحسين بن علي فذكروا ذلك له وأرادوه على الخروج من المدينة، فقال علي: يا سبحان الله تأمرونني بالخروج من دار الهجرة إلى دار الأعراب، فأصير أعرابيا بعد الهجرة، وتأمرونني بفراق قبر رسول [1] أي استجار به. [2] زيادة. [3] انظر أنساب الأشراف ق 1 ص 523.