أمرهم. وقد كان محمد بن علي قال لهم، حيث جدّ بهم مسيرهم وأتوه يودّعونه: إنّي لو قدرت على أن أكتب إلى كلّ رجل منكم على حياله لكان ذلك يسيرا في ما أوجبه لكم، فاختاروا رجلا منكم أكتب إليه ويلقي ما أكتب به إليكم. فقالوا جميعا: ابن بجير لك ولنا ثقة. فقال محمد:
جزاكم الله خيرا، بهذا رجوت أن يعزّكم الله ويعزّ بكم، نعم قد رضيت به فلا تخالفوه، وأمسكوا عن الجدّ في أمركم [1] حتى يهلك أشجّ [2] بني أميّة- والوالي يومئذ سليمان، ولا يظنّ القوم [3] ولا غيرهم أنّ عمر يلي شيئا من أمر الأمّة، لأنّه لم يكن من ولد عبد الملك. وكانت هذه من الأمور التي زادت الشيعة بصيرة في محمد بن علي، وقالوا: قال ذلك بفضل علمه- فإذا هلك أشجّ بني أميّة وانقضت سنة مائة وهي سنو صاحب الحمار، [فهناك أظهروا أمرنا] [4] . قال بعضهم: وما سنو صاحب الحمار؟ قال: قول الله في كتابه: [89 ب] أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها، قال: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِها، فَأَماتَهُ الله مِائَةَ عامٍ [2]: 259 [5] ، فأمسكوا عن الجدّ في أمركم حتى تنقضي هذه المدّة، ولا تكثّروا من أهل الكوفة، [1] في الأصل: «في أمرهم» ، وفي كتاب التاريخ ص 250 أ: «وأمسكوا عن الجد واستروا أمركم» . [2] هو عمر بن عبد العزيز. [3] في كتاب التاريخ ص 250 أ «ولا يظن أحد أن عمر ... » . [4] زيادة من كتاب التاريخ ص 250 أو عبارته «فإذا انقضت سنة مائة وهي سنو صاحب الحمار فهناك أظهروا أمرنا» . وانظر العقد الفريد ج 4 ص 476. [5] سورة البقرة الآية 259 وتمامها « ... ثُمَّ بَعَثَهُ، قال كَمْ لَبِثْتَ قال لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، قال بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ، فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ، وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قال أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» 2: 259.