ولا تقبلوا منهم إلّا أهل النيّات الصحيحة. فانقضت سنة مائة وما تبلغ شيعة الكوفة ثلاثين رجلا، وما يعرف محمد بن علي بنسبه واسمه إلّا أولئك الرهط، وكانت دعوتهم إلى الرضا من آل محمد، فإذا سئلوا عن اسمه قالوا: أمرنا بكتمان اسمه حتى يظهر. ولمّا انقضت سنة مائة مرض أبو رباح [1] ، وأتاه عدّة ممن لم يكن عرف محمد بن علي فسألوه وهو مدنف أن يخبرهم باسمه، قال، ورأسه في حجر موسى السراج: يخبركم بذلك موسى، ثم استوى قاعدا ونعله بين يديه فتناولها وألقى على ظهرها ترابا، ثم كتب فيه:
الإمام محمد بن علي. وقد قال لسالم قبل ذلك: يا أخي إني لما بي، وهذا الأمر إليك وصاحبنا وإمامنا محمد بن علي وكاتبه بمثل ما كنّا نكتب فيه إليه، وقم من أمره بما كان ابن عمّك يقوم به، وقد رأيته يعتمد عليكم ويثق بكم، جمعنا الله وإيّاكم في جنّة الخلد، وأغمي عليه فما نهضوا من عنده إلّا وهو ميّت.
وقام بأمر الشيعة سالم، وكتب [2] وأولئك الرهط إلى محمد بن علي [90 أ] يخبرونه بموت أبي رباح [3] ميسرة النبّال، وسألوا بكيرا أن يخرج بكتبهم [4] ، فأجاب إلى ذلك وسرّ به ونشط له.
قال الحسن بن حمزة: فتهيّأ بكير للشخوص إلى محمد، ولمّا أزف ذلك منه ورد عليه كتاب من ابن عمّ له من السند يذكر أنّ أخاه يزيد بن ماهان توفّي وترك مالا جمّا كثيرا، وقد جمعوه، وسأله تعجيل القدوم عليه [1] في الأصل: «أبو رياح» . [2] في كتاب التاريخ ص 250 أ- ب «وكتب عن الشيعة إلى محمد علي ... » [3] في الأصل: «أبي رياح» . [4] في الأصل: «بهم» ، والتصويب من تتمة الخبر. وفي كتاب التاريخ ص 250 ب: «وسأل بكير بن ماهان أن يخرج إليه بكتابهم، فسر لذلك ونشط» .