أمركم الدين، وزينكم العلم، وحصون [1] أعراضكم الأدب، وعزّكم الحلم، وصلتكم الوفاء، وطولكم في الدنيا والآخرة المعروف، فاتقوا الله يجعل لكم من أمركم يسرا. فقال رجل من القوم: يا أبا العبّاس من أشعر الناس؟ فإنّا قد [7 أ] تمارينا في ذلك منذ اليوم فكان [2] كل قوم يقول: شاعرنا، وأقبل عبد الله على أبي الأسود [3] ، فقال: يا أبا الأسود من أشعر الناس؟ فقال أبو الأسود: الّذي يقول:
ولقد أغتدي يدافع ركني ... أجوليّ [4] ذو ميعة إضريج
مخلط مزيل معن مفنّ [5] ... منفح مطرح سبوح خروج [6]
سلهب شرجب كأنّ رماحا ... حملته وفي السراة دموج
تتعادى به قوائم لأم ... وحوام صمّ الحوافر عوج
مقبلات في الجري أو مدبرات ... بهوى طائع بهنّ يهيج
هذا الشعر لأبي داود الإيادي، وكان أبو الأسود يفضله. فقال ابن عبّاس:
إن شعراءكم قد قالوا فبلغ كل رجل منهم بعض ما أراد، ولو كانت لهم غاية يستبقون إليها يجمعهم فيها طريق واحد، لعلمنا أيهم أسبق إلى تلك [1] في الأصل: حصور. [2] في الأصل: فقال. [3] أبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو، توفي بالبصرة سنة 69 هـ، وطبع ديوانه في مطبعة المعارف- بغداد 1964. [4] في الاغاني: «أحوذي» . [5] في الأصل: «سفن» والتصويب من الترجمة العربية لدراسات في الأدب العربيّ تأليف فون غرونباوم تعريب إحسان عباس (بيروت 1959) ص 299.
[6] في دراسات في الأدب العربيّ (ص 299) : مطرح مضرح جموح خروج. والأصل يتفق في هذا الشطر مع رواية الأغاني ج 16 ص 376.