فقال: وما ذاك ويحك؟
قال: هذان ابنا عبّاس: أحدهما يفتي الناس في دينهم، والآخر يطعم الناس، فماذا بقيا لك. فأرسل إليهما ابن الزبير فقال: إنكما [1] تريدان أن ترفعا راية قد وضعها الله، ففرّقا عنكما مرّاق العراق. فأرسل إليه عبد الله بن عبّاس فقال: ويلك أيّ الرجلين [8 أ] نطرد عنا:
أطالب علم أم طالب دنيا؟ فبلغ الخبر أبا الطفيل [2] فقال أبياته [3] .
أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم القمي عن أبيه عن الزبيري بإسناد له يرفعه قال: بينا عمر جالس في جماعة من أصحابه، فتذاكروا الشعر، فقال: من أشعر الناس؟ فاختلفوا، فدخل عبد الله بن عباس، فقال عمر:
قد جاءكم ابن بجدتها، وأعلم الناس. من أشعر الناس يا ابن عباس؟ قال:
زهير بن أبي سلمى المزني. قال: أنشدني من شعره، فأنشده:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم ... قوم بأحسابهم أو مجدهم قعدوا
قوم أبوهم سنان حين ينسبهم ... طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا [4]
فقال عمر: قاتله الله يا بن عباس، لقد قال كلاما حسنا ما كان ينبغي أن يكون هذا الكلام إلّا في أهل هذا البيت لقرابتهم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال له ابن عبّاس: وفّقك الله يا أمير المؤمنين فلم تزل موفّقا. [1] في الأصل: «أيكما يريد أن يرفعا دابة» والتصويب من ص 98. [2] هو عامر بن واثلة بن عبد الله. انظر الأغاني ج 15 ص 147. [3] في الأصل: «أتيانه» . انظر أبيات أبي الطفيل مع نص الخبر في الأغاني ج 15 ص 151- 2.
[4] في شرح ديوان زهير بن أبي سلمى لثعلب (ط. دار الكتب 1944) ص 282:
أو كان يقعد فوق الشمس من كرم ... قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
قوم أبوهم سنان حين تنسبهم ... طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
وانظر رواية ثعلب للخبر ص 278- 283، وانظر العقد الفريد ج 4 ص 280.