نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 225
وجرت النصوص الرسمية القديمة على أن تربط بين شواهد العمران وبين بناء المعابد وتجديدها. وعلى هذا الاعتبار سجلت لسيتي اهتمامًا مفرطًا بالمعابد، ويبدو أنه اهتم بها ليثبت لرجال الكهنوت أن رعاية أسرته لحقوق الدين وأربابه لا تقل عن عناية الأسر المالكة التي سبقتها إن لم تزد عنها، وأوصى بجمع أكبر عدد من تماثيل الأرباب الكبار في كل معبد شاده ليتألف بذلك قلوب أتباعهم أصحاب المذاهب المختلفة في بلده. وسجلت له نصوصه حديثًا لطيفًا خاطب به أولئك الأرباب قائلًا لهم: " ... إنما أنا "خادم" خدوم، طيب متيقظ لما تشاءون ... ، مروا ولسوف يلبي أمركم، فأنتم السادة، وأنا أبذل حياتي في سبيل الإخلاص لكم وسبيل الحسنى معكم ... ". ووصف سبيلهم هذا بقوله "إن من راعى كلمة الرب سعد ولن تفشل مشاريعه ... "، ووعظ خلفاءه فقال: "إن من عطل مصالح غيره لقي جزاءه بالمثل، والمغتصب سوف يغتصب ... " ثم خوفهم عذاب الآخرة قائلًا: "سيكون "المردة" حمرًا مثل لهب الجحيم، وسوف يشوون لحوم من لا يستمعون إلى قولي ... "[1]. وهكذا كانت شخصية بعض الفراعنة وحصافة أقوالهم، مما يختلف عن الرأي الشائع عن تألههم وجبروتهم.
وكان من وجوه النشاط الداخلي في عهد سيتي اتساع استغلال مناجم الذهب في الصحراء الشرقية. وقد صور أحد مهندسيه خريطة على بردية لبعض مناجم وادي الحمامات، لا سيما مناجم أم الفواخير، حدد فيها مواقعها والطرق المؤدية إليها، والطريق المؤدي منها إلى البحر الأحمر، وموقع معبدها المحلي وموقع جبل بخن "جبل الشست" منها. وعرف بعض معالمها بأسماء مختصرة كان أمتعها اختصار اسم البحر الأحمر إلى اسم "يم" وهو الاسم السامي الذي عبر القرآن الكريم به عن البحر والنهر. وتعتبر هذه أول أو ثاني خريطة من نوعها عرفت حتى الآن من العالم القديم[2]. وتقرن مهارة مهندسها بخريطة أخرى نقشت في نفس العهد في الكرنك وصورت المحطات والحصون المنتشرة على الحدود الشمالية الشرقية حتى بداية فلسطين، وقد أثبتت مفرداتها في ترتيب مكاني صحيح، وتعتبر بدورها أقدم خريطة حربية جغرافية مصورة معروفة. ومن تفصيلاتها الطريفة تصوير مدينة ثارو "قرب القنطرة" تحميها تحصينات أمامية ويمتد جسر فوق قناتها، وتصوير عدد من كهنتها وموظفيها يحملون طاقات الزهور ليستقبلوا بها فرعونهم عند عودته إليه منتصرًا من حملة حربية[3].
ومع الاهتمام بالمناجم سجلت النصوص لفرعونها حديثًا آخر يحمل طابع بدوره طابع الشفقة والبساطة والأدب ولا يقل طرافة عن حديثه إلى آلهته. وروت أن سيتي أراد أن يتحقق من أحوال الصحراء ومسالك المناجم فيها، وكان يظن أنه تتوفر فيها مجار مائية كافية، ولكنه بعد أن سار فيها ولمس قسوتها راجع نفسه [1] Gunn And Gardiner, Jea, Iv, 244., F., 247; Also, Xiii, 193 F.; Xxxviii, 24 F. [2] Lepsius, Auswahl…, Tafel 22; Ball, Egypt In The Classical Geographers, 1942, 180 F.; G. Goyon, Asae, Xlix, 337 F.
وراجع خريطة نفر العراقية من أوائل الألف الثاني ق. م – ولو أنها أقرب إلى التخطيط منها إلى الخريطة. [3] Wreszinski, Atlas, Ii, 34, 40-41; Jea, Vi, 99 F.; Xxxiii, 34 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 225