responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح    جلد : 1  صفحه : 226
وقال: "ما أتعس الطريق الذي يعوزه الماء، وكيف يكون حال المسافرين فيه إذا أرادوا أن يتقوا جفاف حلوقهم؟ ومن ذا الذي يرد ظمأهم، ومواطنهم بعيدة والصحراء مديدة؟ فيالتعاسة من يظمأ في البرية ... ، هلم إلى عقلي حتى أفكر في راحتهم وأكفل لهم ما يصون حياتهم ويجعلهم يترحمون عليَّ في السنين المقبلة، وعساني أعمل عملًا يشكرني عليه أهل الأجيال القادمة، أنا الشفوق الذي يعنيني الرخاء". وتجول الفرعون في الصحراء حتى حقق الرب مسعاه وهداه إلى موضع أمر رجاله بأن يحفروا بئرًا فيه، ولما نجح مسعاهم، قال سيتي: "أجاب الرب دعائي، وأفاض الماء من أجلي على الهضاب، في طريق كان موحشًا منذ عهود الأرباب، فأصبح رخاء في عهدي، وأرجو أن تنمو فيه حشائش تفيد الرعاة. ولا ريب في أنه إذا نشط الملك سعدت بلاده ... ، وقد أوحى الرب إلى أن أشيد ههنا قرية يتوسطها معبد، فالبلد الذي يتضمن معبدًا بلد مبارك"[1].
وكما نشط العمران على الأقل بالمعنى الذي قصدته نصوص سيتي، بلغت فنون النقش والتصوير والنحت في عهده ذرى عالية من الجمال المترف والذوق المبدع، لا سيما في معبد شعائره في أبيدوس، ونقوش مقبرته في غرب طيبة، ومناظر حروبه الخارجية ومناظر تقواه في الكرنك حيث صور في اثنين وعشرين وضعًا خاشعًا يتعبد فيها ربه آمون رع، ويتخذ في كل وضع منها هيئة معينة ويدعو بدعاء خاص مختلف.
أسلفنا أن بداية عصر الأسرة التاسعة عشرة في مصر كان لها صدى داخلي يختلف عن صداها في الخارج، فعلى حين اعتبرها المصريون بشيرًا بعصر نهضة، ظنت بعض الطوائف الخارجية أن حداثتها فرصة لحرمان مصر مما بقي لها من نفوذ خارجي في سالم التجارة والسياسة، وشجعتها على هذا الظن عدة عوامل كان منها قلة النشاط العسكري لمصر في أواخر عصر الأسرة الثامنة عشرة، وانهيار دولة حلفائها الميتان تحت ضربات الحيثيين "الخاتيين" عام 1365، ثم تفرغ الحيثيين لتحريض من والاهم من أمراء الشام على المصريين. وزادت هذه الملابسات سوءًا بظهور هجرات آرية الطابع أشاعت التوتر في الشرق، وقد خرجت طوائفها الأولى من مواطنها المجهولة منذ أوائل القرن الرابع عشر ق. م، وتسللت إلى الحوض الشرقي للبحر المتوسط واختلطت بسكان جزره وسواحله اختلاطًا جزئيًّا، وعمل رجالها مرتزقة عند من يجزلون العطاء لهم من أمم الشرق الغنية. ثم رنت بعض طوائفهم إلى الشواطئ الجنوبية للبحر في أواخر القرن نفسه، ولما عز عليها أن تقصد السواحل المصرية مباشرة اتجهت إلى النزول غربها على الشواطئ الليبية[2]. وواجه سيتي الأول كل هذه المشاكل بحزم وكفاية وأعادت جيوشه الاستقرار إلى أرض كنعان التي هددها العدو، وسيطرت على قواته على مرتفعاتها، وبلغت في تقدمها جبال لبنان، ثم أتتها أنباء تحركات مريبة على حدود مصر الغربية تحت ضغط الهجرات الآرية التي أشرنا إليها، فاندفعت الجيوش المصرية إليها وكسرت حدتها، ثم عادت

[1] Junn And Gardiner, Op. Cit.
[2] See, Pendlebury, Jea, Xvi, 75 F.; Wainwright, Jea, Xxv, 148 F; Bonfante, Am. J. Of Arch., 1946, 251 F.; Gardiner, Ancient Egyptian Onomastica. I, 191 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح    جلد : 1  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست