نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 299
أو 604ق. م[1]. وحينئذ تخلى نيكاو عن شمال سوريا كارهًا واحتفظ بجنوبها، ولكن لم يطل احتفاظه بها بعد أن خلف نبوخذ نصر أباه وتشجع باستقرار دولته فتابع طريقه بجيشه إلى فلسطين وحينئذ أعلن له يهوياقيم اليهودي الطاعة وصار عبده ثلاث سنوات على حد تعبير سفر الملوك، ثم ثار عليه وكون حلفًا ضده بتشجيع مصر التي أفسدت هجومًا بابليًّا على حدودها في عام 601ق. م، فضربه بنوخذ نصر بقواته وبمن خرجوا عن حلفه من أهل الشام، أو كما روت أسفار التوراة "أرسل ضده جيشًا مؤلفًا من كلدانيين وسوريين ومؤابيين وعمونيين"[2]. وقُتل اليهودي خلال الحصار وسبي قومه ومعهم ولده يهويا كين في عام 597ق. م، وعين نبوخذ نصر "صدقيا" ملكًا جديدًا على أروشليم وسوف تكون له قصته معه.
وتجمدت السياسة الحربية الشمالية لمصر في بقية عهد نيكاو، سواء نتيجة لعقد معاهدة عدم اعتداء بينه وبين بابل وهذا ما رواه هيرودوت وزاد عليه أن نيكاو زوج أخته أو ابنته من نبوخذ نصر فصرات ملكة على بابل[3]. وهي رواية لم تتأكد بعد. أو نتيجة لانشغال نيكاو بحدوده الجنوبية. أو لرغبته في الاتجاه إلى إحراز سيادة بحرية لأغراض التجارة وأغراض التوسع وحماية السواحل. وقد لوحظت كثرة ألقاب "قباطنة الأساطيل الملكية في "البحر" الأخضر الكبير" في نصوص عهده[4]. وكان خير ما ذكره التاريخ لسياسته هذه أمران، وهما: محاولة ربط الدلتا بالبحر الأحمر بطريق مائي لتشجيع التجارة البحرية وزيادة الاستفادة من مواردها، بشق قناة تجري من فرع الدلتا البوبسطي القديم حتى خليج السويس أو البحيرات المرة قرب ميناء الإسماعيلية الحالية، وقد روى هيرودوت أن المشروع بعد أن بدأ واستهلك آلافًا من الرجال أوقف فجأة نتيجة لوحي إلهي تنبا لنيكاو بأنه يبذل جهده لمصلحة الأجنبي، وأضاف ديودور الصقلي أن المصريين تخوفوا أن يكون منسوب مياه البحر أعلى من منسوب مياه فروع الدلتا فيغرقها. ولكن يبدو أن المشروع تم حينذاك فعلًا، أو تم أغلبه[5].
أما المأثرة الأخرى، فهي إيفاد بعثة بحرية للدوران حول إفريقيا، وقد بدأت رحلتها من البحر الأحمر، وروى هيرودوت أنها أتمتها في ثلاث سنوات، كانت تريح فيها على البر خلال مواسم الخريف، ثم عبرت مضيق جبل طارق "أعمدة هيراكليس"، وعندما عادت روى رجالها أنهم في دورانهم حول الأرض "أي إفريقيا" ظلت الشمس على يمينهم، على عكس ما خرجوا به، وهي ملاحظة شك هيرودوت في إمكان حدوثها، مع أنها كانت دليل صدقهم. وكانت من أقدم المرات التي تم فيها مثل هذا المشروع البحري الضخم لأغراض الكشف والمعرفة وإظهار المهارة وفتح أسواق للتجارة وأملًا في توسيع النفوذ [1] Woolley, Charchemish, Ii, 125-127. [2] الملوك الثاني 24: 1 - 4 [3] Herodotus, I, 184-186. [4] De Meulenaere, Op. Cit., 60-61. [5] Herodotus, Ii, 158; Diodorus, I, 33; Strabo, Xvii, 8; See, G. Posener, Chronique D’egypte, 1938, 272; P. Newberry, Jea, 1942, 64 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 299