نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 300
في آن واحد، ولابد أنه مهدت له معارف وإرهاصات سابقة، روى هيرودوت منها بناء سفن كورنتيه أو إيونية ذات ثلاث طبقات من المجاذيف Triremes كانت تمخر عباب البحر الشمالي "المتوسط" والخليج العربي "السويس"، والاستعانة بخبرة ملاحين فينيقيين إلى جانب الملاحين المصريين[1].
لم تتغير هذه السياسة كثيرًا في الداخل أو في الخارج خلال عهد بسماتيك الثاني "نفر إب رع"- منذ 595ق. م. وفيه خرج موكب ملكي أو بعثة ملكية من مصر إلى سوريا صحبها عدد من الكهنة اختيروا من معابد مختلفة، ومن طريف ما سجل بهذه المناسبة أن كهنة طيبة رشحوا كاهنًا منهم يدعى بادي إيسة وقالوا له: "لقد وقع الاختيار عليك للذهاب إلى بلاد خارو مع الفرعون، وما من أحد في هذه المدينة يمكن أن يقوم بهذا عداك، فلاحظ أنه كاتب دار الحياة وما من شيء تسأل عنه لن تجد له الجواب الملائم"[2]. ولعلهم قصدوا بذلك أسئلة كهنة سوريا ومحاورتاتهم له. وإن لم يسلم بادي إيسة في الوقت نفسه من كيد بعض زملائه له.
وظلت مصر على الرغم من سياستها الشمالية السلمية تستقبل اللائذين بها من أهل الشام ومن اليهود الفارين من وجه البابليين. وإذا كان ثمة جديد في هذا العهد فهو قيام مشكلات في الجنوب استدعت إيفاد حملة اشترك فيها مع المصريين مرتزقة من الإغريق والكيريين ومن الصحراء الغربية وربما من اليهود المتمصرين أيضًا. وسجل كاتب أو ضابط إغريقي على أحد تماثيل رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل ما يقول: "بعد أن وصل الملك "بسماتيك" إلى إلفنتيني كتب هذه العبارات من أبحروا مع بسماتيكوس بن ثيوكلوس، ووصلوا إلى ما بعد كيوس وإلى الحد الذي سمح النهر به، وكان أصحاب اللسان الأجنبي تحت قيادة بوتاسيمتو، بينما قاد المصريين أمازيس"[3] ويحتمل باوغ الحملة حدود نباتا ثم عودتها إلى مصر بخيرات كثيرة سمحت لفرعونها بأن يغدق الإنعامات على أعضائها والكثير من المنشآت الدينية. وكان قائد الفرقة الأجنبية مصريًّا أو متمصرًا يدعى بادي سماتاوي وهو الذي حور كاتب النص الإغريقي اسمه إلى بوتاسيمتو[4].
وتحولت سياسة مصر إلى ممارسة القوة في الشمال في عهد واح إب رع "حعع إب رع" الذي اشتهر عند الإغريق باسم أبريس واعتقد الأستاذ فلندرز بترى أنه عثر على جزء من قصره في منف. وكان سر تغيرها أمران، وهما: رغبة مصر في الاستفادة من إمكانيات قوتها البحرية النامية في مراقبة مواني الشام لتعطيل مصالح البابليين فيها وحتى لا يستغلوها ضدها، أو على الأقل لتأمين تجارتها التي تأثرت بامتداد النفوذ البابلي، ثم عودة البابليين إلى التوسع الحربي في فلسطين وحصارهم لثورة أورشليم في عام 588ق. م. ولكن خان الحظ مصر في مشروعاتها، فاصطدمت مصالحها بمصالح الميناءين صور وصيدا وحدثت اشتباكات [1] Herodotus, Iv, 42; De Meulenaere, Op. Cit., 50-52. [2] Ryland Papyri Ix, 14, 19 F. [3] Sauneron Et Yoyotte, “La Campagne Nubienne De Psammetique Ii”, Bifao. 1952, 157, F.; Text: Publications Of The Centre Of Documentation, D 9, J G, Xviii. [4] Alan Rowe, “New Light On Objects Belonging To The Generals Potasimto And Amasis In The Egyptian Museum”, 157 F.
نام کتاب : الشرق الأدنى القديم في مصر والعراق نویسنده : عبد العزيز صالح جلد : 1 صفحه : 300