نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 26
النصوص التاريخية التي وصلت إلينا، وهي النصوص الآشورية، وقد عنت بها البدو عامة، مهما كان سيدهم أو رئيسهم. وبهذا المعنى استعملت عند غيرهم. ولما توسعت مدارك الأعاجم وزاد اتصالهم واحتكاكهم بالعرب وبجزيرة العرب، توسعوا في استعمال اللفظة؛ حتى صارت تشمل أكثر العرب على اعتبار أنهم أهل بادية وأن حياتهم حياة أعراب. ومن هنا غلبت عليهم وعلى بلادهم، فصارت علَمية عند أولئك الأعاجم على بلاد العرب وعلى سكانها، وأطلق لذلك كتبة اللاتين واليونان على بلاد العرب لفظة "arabae" "Arabia" أي "العربية" بمعنى بلاد العرب.
لقد أوقعنا هذا الاستعمال في جهل بأحوال كثير من الشعوب والقبائل، ذكرت بأسمائها دون أن يشار إلى جنسها. فحرنا في أمرها، ولم نتمكن من إدخالها في جملة العرب؛ لأن الموارد التي تملكها اليوم لم تنص على أصلها؛ فلم تكن من عادتها، ولم يكن في مصطلح ذلك اليوم كما قلت إطلاق لفظة "عرب" إلا على الأعراب عامة، وذلك عند جهل اسم القبيلة، وكانت تلك القبيلة بادية غير مستقرة، وقد رأينا أن العرب أنفسهم لم يكونوا يسمون أنفسهم قبل الميلاد، إلا بأسمائهم، ولولا وجودهم في جزيرة العرب ولولا عثورنا على كتابات أو موارد أشارت إليهم، لكان حالهم حال من ذكرنا، أي لما تمكّنّا من إدخالهم في العرب، ونحن لا نستطيع أن نفعل شيئًا تجاه القبائل المذكورة، وليس لنا إلا الانتظار؛ فلعل الزمن يبعث نصًّا يكشف عن حقيقة بعض تلك القبائل.
هذا ويُلاجظ أن عددًا من القبائل العربية الضاربة في الشمال والساكنة في العراق وفي بلاد الشام، تأثرت بلغة بين إرم، فكتبت بها، كما فعل غيرهم من الناس الساكنين في هذه الأرضين، مع أنهم لم يكونوا من بني إرم. ولهذا حسبوا على بني إرم، مع أن أصلهم من جنس آخر. وفي ضمن هؤلاء قبائل عربية عديدة، ضاع أصلها؛ لأنها تثقفت بثقافة بني إرم، فظن لذلك أنها منهم.
الآن وقد انتهت من تحديد معنى "عرب" وتطورها إلى قبيل الإسلام، أرى لزامًا عليّ أن أتحدث عن ألفاظ أخرى استعملت بمعنى "عرب" في عهد من العهود، وعند بعض الشعوب؛ فقد استعمل اليونان كلمة "saraceni"
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 1 صفحه : 26