أتى [1] الغلام أباه ذكر له ما قال، فقال: افعل، والله لأريحن عليه حقه، وكانت الدية تؤدى مقطعة في سنين، فأداها عاما، ثم حج رسول الله صلى الله عليه حجة الوداع وقد بقي من الدية شيء، فوضعه صلى الله عليه فيما وضع من دماء الجاهلية، فلم يؤد شيئا بعد ذلك، فلما اصطلح القوم قال الجون بن أبي الجون أو عمرو بن عبد مناة بن حبتر [2] الخزاعي: (الطويل)
ألا قالت الحسناء يوم لقيتها ... مقالة نصح لامرء [3] غير جاهل
تقول [4] لنا لما اصطلحنا تعجبا ... لما قد حملنا للوليد وقائل [5]
وقالت [6] أتؤتون الوليد ظلامة ... ولما تروا يوما كثير البلابل
فنحن خلطنا الحرب بالسلم فاستوت ... فأمّ هواه كل حاف وناعل [7]
تمنى عليّ أمس حين تجردت ... سراتهم يغلون غلي المراجل
بنو عبد مناة وكنانة يدعون بني علي لأن علي بن مسعود الغساني حضنهم فنسبوا إليه: (الطويل)
ولو قدموا ما أصدروا لتكشفت ... قبائلهم عن كل أروع باسل
طويل الذراع أكثر الله خيره ... فشب شبابا في بيان ونائل [8]
فماذا أردنا بيننا من جلاله ... ومن نسب من بعد ذلك فاعل
ثم لم ينته الجون حتى افتخر بقتل الوليد وذكر أنهم أصابوه، وذلك باطل كله، فلحق بالوليد وبولده وبقومه من ذلك ما حذروا منه، فقال الجون:
(الوافر) [1] في الأصل: أتا. [2] حبتر كجعفر. [3] في الأصل: لامري. [4] البيت في سيرة ابن هشام ص 274:
وقائلة لما اصطلحنا تعجبا ... لما قد حملنا للوليد وقائل
[5] في الأصل: قايل- بالياء المثناة. [6] في سيرة ابن هشام ص 274: ألم تقسموا توتؤا.
[7] الشطر الثاني في سيرة ابن هشام ص 274: فأم هواه آمنا كل راحل.
[8] في الأصل: ثايل، والنائل المعروف.