قال: وهذا على جزء جزء مستفعلن مستفعلن، وهو أول من عمله، ولم نسمع لمن قبله شعرًا على جزء جزء.
وأسند الصولي عن سعيد بن سلم قال: إني لأرجو أن يغفر الله للهادي بشيء رأيته منه، حضرته يومًا وأبو الخطاب السعدي ينشده قصيدة في مدحه، إلى أن قال:
يا خير من عقدت كفاه حجزته ... وخير من قلّدته أمرها مضر
فقال له الهادي: إلا من؟ ويلك! قال سعيد: ولم يكن استثنى في شعره، فقلت: يا أمير المؤمنين إنما يعني من أهل هذا الزمان، ففكر الشاعر فقال:
إلا النبيّ رسول الله، إن له ... فضلًا، وأنت بذالك الفضل تفتخر
فقال: الآن أصبت وأحسنت، وأمر له بخمسين ألف درهم.
وقال المدائني: عزّى الهادي رجلًا في ابن له فقال: سرّك وهو فتنة وبلية، ويحزنك وهو ثواب ورحمة.
وقال الصولي: قول سَلم الخاسر في الهادي جامعًا بين العزاء والهناء.
لقد قام موسى بالخلافة والهدى ... ومات أمير المؤمنين محمد
فمات الذي غم البرية فقده ... وقام الذي يكفيك من يتفقد
وقال مروان بن أبي حفصة كذلك ... لقد أصبحت تختال في كل بلدة
بقبر أمير المؤمنين المقابر ... ولو لم تسكّن بابنه بعد موته
لما برحت تبكي عليه المنابر ... ولو لم يقم موسى عليها
حنينًا كما حنّ الصفيا العشائر
حديث من رواية الهادي: قال الصولي: حدثني محمد بن زكريا هو الغلابي، حدثني محمد بن عبد الرحمن المكي، حدثنا قسورة بن السكن القهري، حدثنا المطلب بن عكاشة المري، قال: قدمنا على الهادي شهودًا على رجل شتم قريشًا وتخطى إلى ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فجلس لنا مجلسًا أحضر فيه فقهاء زمانه، وأحضر الرجل فشهدنا عليه، فتغير وجه الهادي، ثم نكس رأسه ثم رفعه فقال: سمعت أبي المهديّ يحدث، عن أبيه المنصور، عن أبيه محمد، عن أبيه علي، عن أبيه عبد الله بن عباس، قال: من أراد هوان قريش أهانه الله، وأنت يا عدو الله لم ترضَ بأن أردت ذلك من قريش حتى تخطيت إلى ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- اضربوا عنقه[1]، أخرجه الخطيب من طريق الصولي، والحديث هكذا في هذه الرواية موقوف، وقد ورد مرفوعًا من وجه آخر.
مات في أيام الهادي من الأعلام: نافع قارئ المدينة، وغيره. [1] أخرجه الخطيب في تاريخه "110/3"، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان "109/2".