نام کتاب : تجارب الأمم وتعاقب الهمم نویسنده : ابن مسكويه جلد : 2 صفحه : 58
فجاءه من الغد ابن عبّاس، وقال له:
- «إبن عمّ، إنّى أتصبّر، ولا أصبر، وإنّى أتخوّف عليك فى هذا الوجه الهلاك. إنّ أهل العراق قوم [92] غدر، فأقم بهذا البلد، فإنّك سيّد أهل الحجاز. فإن كان أهل العراق يريدونك كما زعموا، فاكتب إليهم، فلينفوا عدوّهم، ثمّ اقدم عليهم، فإن أبيت إلّا الخروج، فسر إلى اليمن، فإنّ بها حصونا وشعابا، وهي أرض عريضة طويلة، ولأبيك بها شيعة، وأنت فى عزلة عن الناس، فتكتب وتبثّ دعاءك، فإنّى أرجو أن يأتيك ما تحبّ فى عافية.» فقال له الحسين:
- «يا ابن عمّ، إنّى أعلم أنّك ناصح شفيق، ولكنّى قد أجمعت على المسير.» فقال له ابن عبّاس:
- «فإن كنت سائرا، فلا تسر بنسائك، وصبيتك، فو الله إنّى أخاف أن تقتل كما قتل عثمان، ونساءه وولده ينظرون إليه، وو الله الذي لا إله إلّا هو: لو أعلم أنى إذا أخذت بشعرك وناصيتك، حتّى تجتمع علىّ وعليك الناس، أطعتنى وأقمت، لفعلت.» فلما أبى عليه، قال له:
[ (-) ] «إنه يقول: أقم فى هذا المسجد أجمع لك الناس!» ثمّ قال له الحسين:
- «والله لئن أقتل خارجا منها بشبر أحبّ إلىّ من أن أقتل فيها، ولأن أقتل خارجا منها بشبرين، أحبّ إلىّ من أن أقتل خارجا منها بشبر. وأيم الله، لو كنت فى جحر هامّة من هذه الهوامّ، لاستخرجوني، حتّى يقضوا بى حاجتهم! والله، ليعتدنّ علىّ كما اعتدت اليهود فى السبت.» فقام ابن الزبير، فخرج من عنده. فقال الحسين:
- «إنّ هذا ليس شيء أحبّ إليه من أن أخرج من الحجاز، وقد علم أنّ الناس لا يعدلونه بى، فودّ أنّى خرجت حتّى يخلو له.»
نام کتاب : تجارب الأمم وتعاقب الهمم نویسنده : ابن مسكويه جلد : 2 صفحه : 58