responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران    جلد : 1  صفحه : 17
ودراسة التاريخ العربي القديم -فيما أرى- ضرورة قومية ودينية، ضرورة قومية لأن هذا تاريخنا، بل إني لا أظن أنني أغالي كثيرًا، إن قلت إنه -في بعض الأحايين- واحد من الأسس الرئيسية لدراسة تاريخ الشرق الأدنى القديم، فالحقائق العلمية تقول إن بلاد العرب، إنما هي الموطن الأصلي للساميين، وأنهم خرجوا منها في فترات مختلفة، فيما بين الألف الرابعة والثانية قبل الميلاد، إلى مصر وسورية والعراق، وهي كذلك موطن العربية -اللغة السامية الأم1-
ثم هي لا تختلف عن غيرها من بلاد المنطقة العريقة في الحضارة، قامت بها دول، ونشأت فيها حضارات، وأسهمت بنصيبها فيما قدمه هذا الشرق الخالد للإنسانية من أياد بيضاء، ومن ثم فقد تأثرت بلاد العرب بحضارة تلك المنطقة، وأثرت فيها، وارتبطت بها بعلاقات، سادها الود أحيانًا، والنفور أحيانًا أخرى، ومن ثم فتاريخها جزء من تاريخ هذا الشرق الأدنى، تعرضت للضغط الخارجي، يوم تعرض هذا الشرق لهذا الضغط أو ذاك، ونعمت بخيراتها، يوم أن كان أمر هذا الشرق في أيدي أبنائه، ولاقت ما لاقى هذا الشرق، يوم أن كانت قوى أجنبية تتحكم في مصايره، وتجني خيراته، ومن ثم فليس عجبًا أن كان التاريخ العربي القديم متأثرًا بتاريخ الشرقي الأدنى القديم، ومؤثرًا فيه[2].
وضرورة دينية، لأننا نعرف -تاريخيًّا ودينيًّا- أن الله سبحانه وتعالى قد اصطفى من بلاد العرب، بعض أنبيائه ومرسَلِيه، ولأن مكانة الإسلام الفريدة في التاريخ الإنساني، لا يمكن معرفتها بصورة صحيحة، إلا إذا درس تاريخ ما قبل الإسلام، حتى نستطيع التعرف بصورة واضحة على أثره، لا في بلاد العرب فحسب، بل في تاريخ الإنسانية جمعاء، وكما يقولون، فإن الأشياء إنما تعرف بأضدادها.
ولعل الذين يتشدقون بالغيرة على الإسلام، من دراسة التاريخ العربي القديم، يتذكرون أنهم ليسوا أشد غيرة على ديننا الحنيف من الفاروق -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وأرضاه- حيث يقول: "إنما تنقص عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية"[3].

1 انظر مقالنا "الساميون" والآراء التي دارت حول موطنهم الأصلي" - مجلة كلية اللغة العربية، العدد الرابع، الرياض 1974 ص245-261.
[2] انظر دراستنا عن "العرب وعلاقتهم الدولية في العصور القديمة" - مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية - العدد السادس، الرياض 1976 ص297-437.
[3] محمد رشيد رضا: تفسير المنار 1/ 24.
نام کتاب : دراسات في تاريخ العرب القديم نویسنده : محمد بيومى مهران    جلد : 1  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست