نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 413
وخربوا الكنائس والديارات، ثم عادوا مثقلين بالغنائم إلى سرقسطة. وكان الناصر قد استتم خلال ذلك النظر في شئون الثغر، وحفظ أطرافه، وتزويده بالحماة والمقاتلة، وكل ما يضمن سلامته، ثم خرج بجيشه من سرقسطة قافلا إلى الحضرة في الرابع عشر من صفر، فوصل إلى قصر الخلافة في الثامن عشر من ربيع الأول سنة 326 هـ (أواخر يناير 937 م)، وذلك بعد أن قضى في غزوته زهاء ثمانية أشهر [1].
ووفد محمد بن هاشم التجيبي بعد ذلك على قرطبة، فأكرم الناصر وفادته، وأقام في كنفه مدة في رغد وإيثار، وهو يحضر مجالس الخليفة، ثم غادر قرطبة في رجب بعد أن ولاه الناصر سرقسطة، وعقد له عليها وعلى الجهات التابعة لها، وولاه القيادة في نفس الوقت، وبذا رد إلى سابق مناصبه ومكانته.
* * *
وهكذا استطاع عبد الرحمن أن يمزق شمل هذا التحالف الخطر، وأن يخضع الشمال الشرقي من شبه الجزيرة كله لسلطانه وصولته؛ ولم يبق عليه إلا أن يحطم خصمه القوي العنيد راميرو الثاني ملك ليون، وهو محور النضال الحقيقي. فلم يمض سوى عامين حتى تأهب للقيام بأعظم غزواته ضد مملكة ليون، فحشد جيشاً ضخماً يبلغ زهاء مائة ألف، وعهد بقيادته إلى نجدة بن حسين الصقلبي. وكان الأجانب والصقالبة قد تبوأوا يومئذ ذروة القوة والنفوذ في بلاط قرطبة، وسيطروا على معظم المناصب الكبيرة في القصر والجيش. وكان لهذه السياسة التي أسرف الناصر في اتباعها، أسوأ الأثر في نفوس الزعماء العرب، وفي انحلال قوى الجيش المعنوية. وفي صيف سنة 939 م (327 هـ) سار الناصر إلى ليون على رأس جيشه الضخم، وعبر نهر التاجُه من عند طليطلة، ثم عبر نهر دويرة متجهاً نحو قلعة شنت منكش، أو شنت مانك (سيمانقة) دون أن يفطن إلى ما يفت في عضد هذه القوة العظيمة من العوامل الخفية؛ وكان راميرو الثائر يرابط على مقربة منها في حشود عظيمة، متأهباً لقتال المسلمين بكل ما وسع، وزوده حليفه الخائن أمية بن إسحاق بنصائح ومعلومات ثمينة، [1] المقتبس في السفر الخامس - لوحة 163 أوب.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 413