نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 545
الدعوة المروانية في المغرب الأقصى، فأوعز إلى نائبه على إفريقية (تونس) بُلُكّين بن زيري بن مناد الصنهاجي، أن يسير في قواته إلى المغرب؛ فبدأ بلكين زحفه على المغرب سنة 369 هـ، فاستولى على مدينة فاس، وهزم سائر الأمراء الذين تصدوا لمقاومته من زناتة وغيرهم، وفر أولئك الأمراء المعارضون جميعاً إلى الشمال، واعتصموا بسبتة، وبعثوا إلى المنصور يستغيثون به. فعهد المنصور يومئذ، إلى جعفر بن علي بن حمدون المعروف بالأندلسي، وهو من زعماء زناته بمحاربة بلكين، وأمده بالجند والمال، والتف حوله باقي الزعماء. ولكن بلكين استمر في تقدمه، رغم كل معارضة، حتى استولى على المغرب كله، ولم يبق منه بيد خصوم الشيعة سوى القطاع الشمالي.
وفي سنة 373 هـ (983 م) بعث العزيز بالله، الحسن بن كنون زعيم الأدارسة، من مصر إلى المغرب تحقيقاً لملتمسه، ليسعى إلى استرجاع ملكه، وقلده عهده، وأمر نائبه على المغرب بلكين أن يمده بالقوات اللازمة؛ وكان العزيز، ووزيره ابن كلِّس تخالجهما أيضاً رغبة في التخلص من الحسن وصحبه، والتخفف من مؤنتهم [1]. فسار الحسن إلى المغرب، في جيش صغير أمده به بلكين، ودعا لنفسه، فالتف حوله كثير من البربر، ولاسيما بني يفرن، وجاهروا بطاعته؛ وعلم المنصور بخبره، فبعث ابن عمه الوزير أبا الحكم عمرو بن عبد الله بن عامر المعروف بعسكلاجة، في جيش كثيف، إلى المغرب، لقتاله والقضاء على دعوته. فعبر البحر إلى سبتة لقتال الحسن، وانضم إليه زعماء مغراوة في قواتهم، وفي مقدمتهم كبيرهم زيري بن عطية بن خزر، ثم بعث المنصور لإمداده جيشاً آخر إلى المغرب بقيادة ولده عبد الملك. وطارد عسكلاجة الحسن، ثم أحاطه بقواته، وحاصره حتى أرهقه الحصار، ولم ير بداً من طلب الأمان والتسليم، على أن يسير إلى الأندلس كسابق عهده، فأجيب إلى طلبه، وأرسل على عجل إلى قرطبة تحقيقاً لرغبة المنصور. ولما علم المنصور بمقدم الحسن، آثر أن ينقض الأمان الذي منحه ابن عمه، وأن يقضي على حياة ذلك الخصم العنيد، الذي تكرر خروجه على حكومة قرطبة، فأنفذ إليه من قتله في الطريق وأتاه برأسه، وذلك في جمادى الأولى سنة 375 هـ (أواخر سنة 985 م) وانهارت بذلك دعوة الأدارسة
(1) " نبذ تاريخية في أخبار البربر " ص 19.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 545