نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 546
بالمغرب الأقصى، وتفرق أنصارهم، وركدت ريحهم.
وعلى أثر ذلك ندب المنصور لحكم المغرب الوزير الحسن بن أحمد بن عبد الودود السلمي، ومنحه السلطان المطلق، وأمره أن يعمل على استمالة البربر في تلك الأقطار، إذ يجب أن لا ننسى أن البربر كانوا للمنصور ظهيراً، وعوناً على إخضاع القبائل العربية بالأندلس، ومنهم اتخذ المنصور حاشيته وجنده، وكثيراً من رجالات حكومته وجيشه. فسار الوزير إلى المغرب (376 هـ) ونزل بفاس، وضبط شئون البلاد، واجتمعت إليه أمراء زناته ومغراوة، واتخذ من زعيم مغراوة زيري بن عطية عوناً وحليفاً، لما أبداه من إخلاص للدعوة المروانية وتأييدها. واستدعى المنصور زيري للوفود عليه، فسار إلى قرطبة، واحتفى المنصور بمقدمه، وأسبغ عليه كثيراً من مظاهر العطف والتكريم، وأوعز إليه بمقاتلة بني يفرن أولياء الفاطميين؛ فلما عاد زيري إلى المغرب سار مع الوزير الحسن إلى قتال بني يفرن وزعيمهم يدُّو بن يَعلى، ولكنه هزم، وجرح الوزير الحسن، ثم توفي متأثراً بجراحه (سنة 381 هـ). فلما علم المنصور بذلك عقد لزيري على المغرب، وندبه لحكمه، وأمره بضبط الأمور، والتعاون مع جيش الخلافة، وأصحاب الحسن، فاضطلع زيري بمهام الحكم بمقدرة وكفاية، وكان حازماً، قوى النفس والعزم، فقوى أمره وتوطد سلطانه، ولكنه لبث مشغولا بأمر خصومه من بني يفرن وغيرهم، ولبثت الحرب سجالا بينهم مدى حين [1].
وفي سنة 382 هـ (992 م) استدعى المنصور زيري بن عطية، للقدوم عليه للمرة الثانية، فاستخلف زيري على المغرب ولده المعز، وسار إلى قرطبة، وقدم إلى المنصور هدية عظيمة منها طيور نادرة، وحيوانات غريبة، وأسود؛ فأكرم المنصور وفادته، وأنزله بقصر المصحفي، وغمره بالمال والصلات، ومنحه لقب الوزارة، وجدد له عهده على المغرب، وعلى جميع ما غلب عليه؛ ولكن زيري لم يبتهج بلقب الوزارة، بل بالعكس ساءه ذلك، إذ كان يعتبر نفسه في مرتبة الإمارة، فعبر البحر إلى العدوة وفي نفسه مرارة وخيبة أمل.
وما كاد يصل إلى طنجة حتى نمى إليه أن خصومه الألداء بني يفرن وأميرهم يدُّو [1] راجع في حوادث المغرب الأقصى، ابن خلدون ج 7 ص 28 - 30، والاستقصاء ج 1 ص 88 - 92، و" نبذ تاريخية في أخبار البربر " ص 17 - 21.
نام کتاب : دولة الإسلام في الأندلس نویسنده : عنان، محمد عبد الله جلد : 1 صفحه : 546