نام کتاب : معالم تاريخ الشرق الأدني القديم نویسنده : محمد أبو المحاسن عصفور جلد : 1 صفحه : 169
فلم يكن هناك ما يدعو لتوجيه حملات إليها خلال هذه الفترة؛ غير أن لوحة عثر عليها في جبل البرقل تدل على أن مصر قامت ببعض النشاط العسكري في السودان في السنة السابعة والأربعين من حكمه، ومن المرجح أنه لم يشترك شخصيًّا في هذا النشاط بل كلف بعض قواده بالقيام به, ولكنه قام بنفسه على رأس حملة إلى السودان في السنة الخمسين من حكمه.
ولا شك في أن تحتمس الثالث كان قائدًا ممتازًا لشعبه لم تقتصر مميزاته على كفاءته الحربية فحسب؛ بل كانت له نواح عظمته الأخرى التي مكنته من أن يحكم إمبراطورية واسعة "خريطة رقم3" ويدير شئونها وبشرف على كل ما يتعلق بتصريف الأمور فيها ويعرف ما يحدث في مختلف أنحائها، وقد اتبع من الوسائل ما يمكن أن نعده آخر صيحة في الدبلوماسية الحديثة؛ إذ إنه كان يحضر أبناء أمراء البلاد التي أخضعها لكي ينشئهم في مصر مع أبناء كبار رجال الدولة حتى يشبوا على حب مصر وصداقتها[1], كما أنه حاول الإصلاح في كافة النواحي وحاول الانتفاع بكل ما يمر به, ومن ذلك مثلًا أنه أدخل إلى مصر كل ما وجده صالحًا من نباتات وحيوانات غريبة، وربما كان يدخل كذلك إلى البلاد الأخرى ما كان يلائمها من نباتات وحيوانات مصرية، ومن المحتمل أنه كان يشجع بعض الأجانب على القدوم إلى مصر ولم يمانع في بقائهم بها؛ لأن مظاهر الفن والحضارة التي كانت سائدة في سورية وبلاد النهرين أخذت تظهر في مصر بصورة واضحة.
وكان تحتمس الثالث حاكمًا منصفًا يكافئ الممتازين من رجاله ويقدر ذوي المواهب ويحسن اختيار الأكفاء, فقد كافأ أحد ضباطه ويدعى [1] Urk. IV, p. 690: Breasted, A R. III 467; T. Sâve Soederbergh, Aegypten & Nubien, "Lund 1941", pp. 185, 228- & 231.
نام کتاب : معالم تاريخ الشرق الأدني القديم نویسنده : محمد أبو المحاسن عصفور جلد : 1 صفحه : 169