كان من غد لقيت عيسى في منزله ثم قلت له: قد جئتك في حاجة لي.
فقال: هي مقضية ولو كنت استعملت ما أحبه لأمرتني أن أجيئك فجئتك فكان أسرّ إليّ.
فقلت له: قد جئتك خاطبا إليك ابنتك.
فقال: هي لك أمة، وأنا لك عبد، وقد أجبتك.
فقلت: إني خطبتها على من هو خير مني أبا وأما وأشرف لك صهرا ومتصلا محمد بن صالح العلوي.
فقال لي: يا سيدي، هذا رجل قد لحقنا بسببه ظنّة، وقيلت فينا أقوال.
فقلت له: أفليست باطلة؟.
فقال: بلى والحمد لله. فقلت: فكأنها لم تقل، وإذا وقع النكاح زال كل قول وتشنيع، ولم أزل أرفق به حتى أجاب. وبعثت إلى محمد بن صالح فأحضرته وما برح حتى زوجه، وسقت الصداق عنه من مالي.
حدثني أحمد بن جعفر البرمكي، قال «1» : حدثنا المبرد، قال: لم يزد محمد بن صالح محبوسا حتى صنع بنان لحنا في قوله:
وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألّق موهنا لمعانه
فاستحسن المتوكل اللحن والشعر وسأل عن قائله، فأخبر عنه وكلم في أمره، وأحسن الجماعة رفده بالذكر الجميل، وأنشد الفتح قصيدة يمدح بها المتوكل التي أولها:
ألف التقى ووفى بنذر الناذر ... وأبى الوقوف على المحل الداثر
وتكفل الفتح بأمره فأمر بإطلاقه، وأمر الفتح بأخذه إليه وأن يكون عنده حتى يقيم الكفلاء بنفسه، وأن يكون مقامه بسر من رأى، ولا يخرج إلى الحجاز فأطلقه الفتح وتكفل بأمره، وخفف عنه في أمر الكفالة، فلم يزل في سرّمن رأى حتى مات.