ثماره قبل أن تتجمع فلول القوط مرة أخرى، فزحف إلى الشمال نحو مدينة "طليطلة" قبل أن يتدارك القوط الأمر ويحكموا الدفاع عنها، وفي طريقه إليها فتح عدة مدن، مثل "مورور" و"إستجة" و"قرطبة" و"إلبيرة" و"غرناطة"، ثم توجه إلى "طليطلة" ودخلها سنة "93هـ" دون مقاومة فوجدها خالية "ليس فيها إلا اليهود في قوم قلة"[1] وقد فر حاكمها مع أصحابه من كبار القوط والقساوسة -في اتجاه شمال شرقي- حاملين معهم ذخائر الكنيسة، فترك طارق فرقة من جنوده في "طليطلة" ومضى يطارد الفارين في الطريق الذي يسميه العرب "وادي الحجارة" وعند بلدة صغيرة تسمى "الكالا دي هنارس" -"ويسميها العرب "قلعة عبد السلام" وتسمى أيضا بمدينة "المائدة"2" أدرك المسلمون فيها الهاربين من طليطلة، وغنموا ما كانوا معهم من ذخائر بالغة القيمة[3]. ولم يتجاوز طراق بن زياد المنطقة التي وصل إليها، فلربما "خشى أن يقطع عليه العدو الطريق في هذه البلاد الجبلية الذي بذلوه، وثقلوا بالغنائم التي جمعوها"[4] فعاد إلى "طليطلة" في أوائل 93هـ "أواخر 711".
رابعا: عبور موسى بن نصير إلى الأندلس واستكمال الفتح
كتب طارق بن زياد إلى موسى بن نصير يحيطه بأنباء الفتح وما أحرزه من نجاح، ويطلب منه المدد. وعلى الفور قرر موسى التوجه إلى الأندلس، وأصدر أوامره إلى طارق بوقف الفتح حتى يلحق به. وكان طبيعيا أن يهرع موسى للحاق بقائده، فأخذ معه قوة قدرها "18000" ثمانية عشر ألف مقاتل، معظمهم من العرب هذه المرة، وفيهم الكثير من زعماء العرب الشامية القيسية، والعرب اليمينة [1] البيان المغرب "2/ 12".
2 تبعد قلعة "هنارس" -الذي كانت تعرف بقلعة عبد السلام أو "المائدة"- تبعد عن مديد "عاصمة إسبانيا الآن" "34" كم شمالا "راجع: رحلة الأندلس للدكتور حسين مؤنس ص"335-336"، مديد العربية، للدكتور محمود علي مكي ص41". [3] البيان المغرب 2/ 12، فتوح مصر والمغرب "ص207"، نفح الطيب "1/ 161، 265، 272"، تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس "ص83-84"، معالم تاريخ المغرب والأندلس "ص236-237"، المسلمون في الأندلس "ص9"، التاريخ الأندلسي للحجي ص"65-66". [4] دراسات في تاريخ المغرب والأندلس للعبادي "ص36".