ويروى أنها فكرة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان[1]. وكان القائد عقبة بن نافع الفهري "63هـ" يفكر في اجتياز المضيق إلى إسبانيا لو استطاع[2]. ويذكر الذهبي أن موسى بن نصير جهز ولده عبد الله، فافتتح جزيرتي "ميورقة" و"منورقة" وهما من الجزر القريبة من شواطئ إسبانيا الشرقية، وكان ذلك سنة 89هـ[3]، أي قبل الفتح بعامين تقريبا، أما الاتصال بيليان -حاكم سبتة- أو بغيره من الإسبان فإنه جاء مواتيا -على ما يبدو- في الوقت الذي كان موسى بن نصير يفكر في تنفيذ فكرة الفتحز ومن هنا يمكن القول: إن اتصالات الجانب الإسباني بموسى ومساعداتهم ربما كانت عاملا مساعدا سهل سير الفتح أو عجل به. لكن المبادأة ومرد العمليات وإنجازها كانت من الجانب الإسلامي الذي اندفع مع الفتح بقوة فائقة مرتكز على عقيدته[4].
والثانية: لقد اعتقد "يليان" -وأتباعه- أن الاتصال بالمسلمين في التخلص من "لذريق" الحاكم المستبد لا يزيد على الاستعانة بهم في إنزال ضربة قاصمة بالقوط، ثم يعودون إلى حدودهم ببلاد المغرب محلمين بالغنائم، وغاب عنهم أن المسلمين حملة رسالة سامية، وأنهم مكلفون بتبليغها لكل الناس، وأن ما يشغلهم قبل كل شيء هو نشر مبادئ دينهم السمحة وتعريف الشعوب بها.
مراحل الفتح:
ويطول المقام لو أردنا أن نتتبع -في هذا المختصر- مراحل الفتح الإسلامي بكل تفاصيلها، لكن حسبنا أن نجمع هذه التفاصيل في النقاط التالية:
أولا: عبور طارق بن زياد بقواته إلى الأندلس:
اطمأن موسى بن نصير إلى النتائج التي حققتها الحملة الاستطلاعية بقيادة طريف ابن مالك، وزادت رغبته في الفتح، واشتد عزمه وتلهفه على السير في هذه المغامرة، فأعد حملة عسكرية قوامها سبعة آلاف جندي، وجلهم من المسلمين البربر، وأمر [1] البيان المغرب "ج2 ص4"، نفح الطيب "1/ 204-205". [2] البيان المغرب "ج1 ص26". [3] الذهبي: العبر في خبر من غبر "ج1 ص14" "ط الكويت". [4] راجع: التاريخ الأندلس للحجي "ص44، 45".