وأن محكت أيدي اللئام بشكرها ... محكت فلم اجعل بلأي ولا محكم
الأديب أبو الحسن غلام البكري رحمه الله تعالى
ذو الخاطر الجايش، الباري لنبل المحاسن الرايش، الذي اخترع وولد، وقلد الأوان من إحسانه ما قلد، طلع في سماء الدولة العبادية نجما، وصار لمسترق سمعها رحما، وكان له فيها مقام محمود، وتوقد لم يعره خمود، ثم استوفى طلقه، ولبس العمر حتى اخلقه، صحب الدولة المرابطية برهة منم الزمان، لا يا لو تقليد نحرها لئالي وجمان، وقد أثبت له ما تستغربه، وينير لك به مشرقه ومغربه، فمن ذلك قوله من قصيدة أولها. طويل
لاحت وللظلماء من دونها سدلُ ... عقيقه برق مثل ما انتضى النصلُ
أطارت سناها في دجاها كأنّه ... تبلّج خدّ حفّه فاحم جثلُ
لدى ليلة رومّية حبشيّة ... تغازلنا من شهبها أعين شهلُ
تودّ عيون الغانيات لو أنّها ... إذا مرضت عند الصباح لها كحلُ
بدت في حلاها فالتقتنا نجومها ... بأنجم راحٍ في الشفاه لها أفلُ
إلى أن بدا للصبح في طرة الدجا ... دبيب كما استقرت مدارجها النملُ
نعيم أرى الأيام تثني عنانه ... علينا إذا القى تثنيته الحسلُ
أفى لهوات الليث ريع أبيه ... ولو علني فيها مجاحته الصلّ
نكرت الدنا والأرض فيها فليس لي ... بها عقوة آوى إليها ولا أهلُ
وأفردني صرف الزمان كأنّني ... طرير من الهنديّ اخلصه الصقلُ
وسير يخلّي المرء منه قريبه ... فريدا كما خلّى تريكته الرألُ
فكم من حبيب كان روضة خاطري ... يرفّ ويندى بين أفنانها الوصلُ
ضحى ظلّه إذا كوّرت لي شمسه ... فشخص نعيمي لا يقوم له ظلُ
غبرت وبادوا غير أنّ تلبثي ... وراهم عيش يلذّ له القتلُ
إذا كان عيش المرء أدهى من الردى ... ففأيذة الأيّام داهية ختلُ
ومن راد لم يعدم من اله نجعة ... ففي كلّ محل من غمامته وبلث
وله: متقارب
أعزّ البريئة في نفسه ... فتى خاشع الظرف من غير ذلّ