هذا وقد حضرته في جميع دروسه المسطورة ودخلت في عموم إجازته.
نجم الدين محمد بن محمد الغزي
ومنهم شيخنا محمد بن محمد الشيخ الإمام نجم الدين أبو المكارم وأبو السعود بن بدر الدين رضي الدين الغزي العامري الدمشقي الشافعي، شيخ الإسلام. ترجم نفسه كما رأيته بخطه في كتاب بلغة الواجد في ترجمة الوالد وهو البدر فقال: مولدي كما رأيته بخط شيخ الإسلام والدي يوم الأربعاء الحادي والعشرون شعبان المكرم سنة تسع مئة وسبع وسبعين، أوسط النهار وقت الظهيرة قال: ربيت في حجر والدي حتى بلغت ست سنوات وقرأت عليه من كتاب الله قصار المفصل، وحضرت بين يديه يوم الفطر عام وفاته وقلت: يا سيدي أريد أن أقرأ عليك من أول سورة البقرة قال: وتعرف تقرأها؟ قلت: نعم، قال: هات المصحف، فجئت به فقرأت عليه الفاتحة ثم من أول البقرة إلى المفلحون. فقال: يكفيك إلى هنا، فأطبقت المصحف بعد أن لقنني: سبحان ربك رب العزة عما يصفون إلى آخرها، وأنعم علي حينئذ بأربع قطع فضة ترغيبا لي، وأمرني وأنا ابن ست سنوات أن أصوم رمضان ويعطيني كل يوم قطعة فضة، فصمت معظم الشهر، وكان ذلك ترغيبا منه وحسن تربية، وصمت رمضان السنة التي مات إلا يوما أو يومين وأنا ابن سبع سنين، وبقيت أجلس معه للسحور، وكان يدعو لي كثيرا، وأحضرني دروسه أنا وأخي الشيخ كمال الدين في سنة اثنتين وثمانين، وسنة ثلاث وثمانين، وسنة أربع وثمانين، وحدثتني والدتي عنه أنه كان يقول: إن أحياني الله حتى يكبر نجم الدين أقرأته في كتاب التنبيه، وأجازني فيمن حضر درسه إجازة خاصة، وأجازني في حزبه الذي كتبه لمفتي مكة الشيخ قطب الدين إجازة عامة في عموم أهل عصره من المسلمين. ثم ربيت بعد وفاته في حجر والدتي أنا وإخواتي، فأحسنت تربيتنا ووفرت حرمتنا، وعلمتنا الصلوات والآداب، وحرصت على تعليمنا القرآن، وجازت شيوخنا على ذلك وكافأتهم، وقامت في كفالتنا بما هو فوق ما تقوم به الرجال مترملة علينا، راغبة من الله حسن الثواب والنوال، جزيلة الحظ من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (أنا أول من يفتح باب الجنة إلا أني أرى امرأة تبادرني فأقول لها: مالك؟ ومن أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي) رواه أبو يعلي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الحافظ المنذري: وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. وقال صلّى الله عليه وسلّم: (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة - وأومأ بيده يزيد بن زريع السبابة والوسطى - وامرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتامى حتى باتوا أو ماتوا) رواه أبو داود، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.
قال الخطابي: السعفاء: هي التي تغير لونها إلى الكمودة والسواد عن طول، الايحة، يريد بذلك أنها حبست نفسها على أولادها ولم تتزوج فتحتاج إلى الزينة والتصنع للزواج.
وساعدها شقيقها الخواجة زين الدين عمر ابن الخواجة بدر الدين حسن ابن سبت، ولم تحملنا منة أحد من خلق الله وتقول: هو تركة والدهم من وقفهم ومن إرثهم منه. واشتغلنا بقراءة القرآن وطلب العلم، فقرأت القرآن على عثمان اليماني وعلى يحيى الغماري والجزرية والآجرومية والشاطبية. وحفظت عليه المعظم من القرآن وكان من أوليا الله كما ترجمه في الكواكب، وكان ممن تطوى له الأرض - فقرأت على الشيخ زين الدين عمر بن سلطان الآجرومية. وشرحها للشيخ خالد. ثم دروس شيخ الإسلام الشهاب العيثاوي، وقرأت عليه شرح الآجرومية للمكودي، وشرح المنهاج إلا شيئا يسيرا، ونصف شرح المنهاج الأول الصغير لوالدي، ومواضع من شرح المحلي، وشرح البهجة للقاضي زكريا، وشرح الإرشاد وعقيدة الشيباني، وأوائل البخاري من كتب الحديث سماعا وقراءة. ولزمت مفتي الفرق محمد محب الدين الحنفي فقرأت عليه منظومة ابن الشحنة والمطول وربع البخاري. وأجازني كتابة ولفظا، وقرأت على الشريف العلامة السيد محمد السعودي حين قدم دمشق سنة ثمان وتسعين وتسع مئة مواضع من تفسير البيضاوي وأجازني بمروياته. وأجازني من المصريين الشمس الرملي وزين العابدين البكري.