المقام السادس:
إن كل من أظهر النفاق وأظهر الشقاق صار مكروها مبغضا ممقوتا، وكل ما أبداه المشبهون والمموهون من زخرفهم وكذبهم وباطلهم وعنادهم وفسادهم في أقوالهم وأحوالهم انعكس عليهم المراد، وحرموا التوفيق والسداد صاروا مثله حتى استوحش منهم أكثر العباد ومقتهم كل حاضر وباد فما صار لهم باطل يظهر ولا شبهة تذكر اللهم إلا ما كانوا يستخفون به عن الناس حين ظهرت أنوار التوحيد واستعلت وزال بها الالتباس مخافة المقت والشناعة حين فسدت لهم تلك البضاعة، وهذه العبر يعتبر بها الأريب إذ هو من الحق وقبول العلم قريب.
المقام السابع:
أن كثيرا ممن عاداهم ابتداء تبين له صحة ما دعا إليه هذا الشيخ وأنه الحق الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، وأنه علم من اتبعه ما أوجب الله عليهم وحرمه وعلمهم مكارم الأخلاق ونهاهم عن سفسافها فمن ذلك ما حدثنا به عثمان بن عبد الرحمن المضايفي لما أتانا راغبا في هذا الدين أن جاسر الحسيني الذي جلا من حرمه لعداوته هذا الدين سكن بغداد ثم
وانتشر ملكهم، وصار كل من بقي في أماكنهم سامعاً مطيعاً لإمام المسلمين القائم بهذا الدين، فانتشر ملك أهل الإسلام حتى وصل إلى حدود الشام، مع الحجاز وتهامة وعمان، وصاروا بحمد الله في أمن وأمان، يخافهم كل مبطل وشيطان، ففي هذا معتبر لأهل الاعتبار، مع ما وقع بمن حاربهم من الخراب والدمار، واستيلاء المسلمين على ما كان لهم من العقار والديار، فلا يرتاب في هذا الدين بعد هذا البيان إلا من عميت بصيرته، وفسدت علانيته وسريرته.