نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 479
ولآثرْتُ حاجةً في فؤادِي ... صُنْتُها عن فُلانةٍ وفُلانِ
وقوله في رباعية:
يا جُودَ حَياً على الجِنانِ الغَرْبِي ... قد أنْعَمه بواكِفاتِ السُّحْبِ
أحْيَيْتَ الأرضَ في رُباهُ فمتى ... يَحْيَا بالوصلِ من حبيبي قَلْبِي
أحمد بن سعد الدين بن الحسين بن محمد المسوري فتى إنابةٍ وعفاف، وله احتفافٌ بالفضائل والتفاف.
وكانت دولة القاسم زاهيةً بطلعته، يتكلم في غرضٍ فتتحدر سيول البراعة من تلعته.
وله في الأدب مقدار يتوسع فيه الشاكر، ويتفسح فيه الواصف والذاكر.
ينظم بأقلامه، منثور الآثار من كلامه.
وينسج بعباراته، وشايع مخاطباته ومحاوراته.
فمن بدائعه، ما أجاب به الأمير الشريف الحسين بن أحمد الخواجى، صاحب صبيا، وقد كتب إليه كتابا، وأصحبه هدية: وصل الكتاب الذي هو جواب جوابي عليكم، مشتملاً على وجوهٍ من الخطاب، صيرت ما كان سبق مني من الإحسان بإجابة الكتاب الأول ذنباً، وما كنت أحسبه حمداً عند الله وعند خيار عباده سباً؛ إذ لم يقع مني ما صدر من البشير السابق لمن وصل الحضرة الإمامية من إخوانكم الشرفا، ثم جوابي عليكم في كتابكم الذي ابتدأ المولى به إلا رعايةً لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كنتم وأولئك الجماعة من أهل بيته، وممن ينسب إلى ذريته، ثم صيانةً لعرض مولانا أمير المؤمنين، ومحبة في أن يكون من في حضرته الكريمة من المكرمين، كما جاء في الحديث النبوي: " المؤمن إلفٌ مألوفٌ ".
وكنت أظنكم رعاكم الله وأولئك الجماعة، ممن له في خوف الله نصيب، وممن قد أقلع عما يوجب البعد من القريب المجيب، وممن دعواه صادقةٌ، وأنه لا يريد إلا الله، ولا يسعى إلا في طاعته وتقواه؛ فخدعتموني في الله فانخدعت، ولو أخذت بالحزم الذي هو سوء الظن لما أبعدت، فحملتم تلك الحالة على ما زهدني والله وغيري من المؤمنين فيكم، ونبهني على الحذر والريب في كل ما يصدر من قولٍ أو فعلٍ عنكم؛ إذا أحللتموني محلاً لست من أهله.
وكتبتم إلي بتصدير هديتكم، المردودة إليكم غير مشكورةٍ ولا محمودة، ولم ترها والحمد لله عيني، ولا لمستها والمنة لله علي يدي، أردتم خديعتي عن ديني، والتوصل بها إلى ما تريدون من أغراض الأهواء وإن أهلكني.
وأكون كما قيل:
بِتُّ كأنِّي ذُبالةٌ نُصِبَتْ ... تُضِيءُ للناسِ وهْي تحترقُ
ومعاذ الله أن أكون ممن يبيع دينه بكل الدنيا، فضلاً عن عرضٍ منها هو أقل وأدنى، وأن يحبط أعماله، ويبطلها، بإماطة الأوساخ عن الناس ل " قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين ".
وكيف إن بقي شيءٌ من المعقول آمر الناس بالبر وأنسى نفسي، وأتصدر لإمام الحق في إنشاء مواعظ يخطب بها على المنابر لنصيحة الخلق وأخونها، وهي أعز الأنفس عندي.
على أني والمنة لله علي من فضل ربي، وفضل إمامي في خيرٍ واسع، ورزقٍ جامع، وأملٍ في كل بلاغ راتع.
ثم إنه لا يسلك أحدٌ طريقةً إلا وله فيها سلف يقتدي بهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأولهم أمير المؤمنين علي، كرم الله وجهه، وهو يقول في خطبة له: والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، أو أجر في الأغلال مصفداً، أحب إلي من أن ألقى الله تعالى ورسوله يوم القيامة ظالماً لبعض العباد، أو غاصباً لشيء من الحطام.
وكيف أظلم أحداً لنفسٍ يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها.
والله لقد رأيت أخي عقيلاً وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعاً، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقاً طريقي، فأحميت له حديدةً، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنفٍ من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها.
فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدةٍ أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نارٍ أضرمها جبارها لغضبه؟ أتئن من الأذى، ولا أئن من لظى؟ وأعجب من هذا طارقٌ طرقنا بملفوفةٍ في وعائها، ومعجونةٍ شنئها كما عجنت بريق حيةٍ أو قيئها.
فقلت: أصلةٌ، أم زكاةٌ وصدقة؟ فذلك محرم علينا. أهل البيت.
قال: لا ذا ولا ذاك، ولكنها هدية.
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين جلد : 1 صفحه : 479