responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين    جلد : 1  صفحه : 68
كلُّ حيٍّ على البسيطةِ فانِ ... غيرَ وجهِ المهيمن الرحمن
إلى أن قلت فيها:
أين روحُ الزمان من كنتُ حي ... ناً وإيَّاه نخلتيْ حلوانِ
نخلتا حلوان يضرب بهما المثل في طول الصحبة.
وكان المهدي خرج إلى أكناف حلوان متصيداً، فانتهى إلى نخلتي حلوان، فنزل تحتهما وقعد للشرب، فغناه المغنِّي:
أيا نخلتيْ حُلوان بالشِّعبِ إنَّما ... أشَذَّ كما عن نخْل جوخَى شقاكُما
إذا نحنُ جاوزنا الثنيَّة لم نزَل ... على وجلٍ من سيرِنا أو نراكما
فهمَّ بقطعهما، فكتب إليه أبوه المنصور: مه يا بني، واحذر أن تكون ذلك النحس الذي ذكره الشاعر في خطابهما، حيث قال:
واعلما إن علِمتُما أنَّ نحساً ... سوفَ يلقاكُما فتفترِقانِ
تتمة المرثية:
كان فينا كالوردِ في وجناتِ ال ... غيدِ والسِّحرِ في عيونِ الحسانِ
عاجلَ الدَّهرُ نيِّر الفضلِ الكس ... فِ وبدرَ الكمالِ بالنُّقصانِ
رجع الجوهر النَّفيسُ إلى الأص ... لِ وأضحى مقرُّه في الجنانِ
ليتَ شعرِي وليس يُجدي أعن عم ... دٍ رمتْهُ الخطوبُ أم نسيانِ
كيف دكَّيتَ أيها الخطبُ رضوى ... ونقلْتَ الهِضاب من ثهلانِ
منها:
يا صديقي تركْتني لهمومٍ ... ينقضي قبلها زمانُ الزَّمانِ
لست أرضى عليك حكم لبيدٍ ... مذهبي في الوفاءِ حكمُ ابن هاني
عيلَ صبرِي وإنَّما أتأسَّى ... بعمومِ المصابِ في الأعيانِ
أسعدُ الصَّاحبينِ من ماتَ من قب ... لُ وأبقى الصَّديقَ للأحزانِ
إنَّما هذه مراحِلُ تطوى ... والبرايا تُساقُ كالرُّكبانِ
ومردي بحكم لبيد قوله:
إلى الحملِ ثم اسمُ السَّلامِ عليكما ... ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد اعتذرْ
وبحكم ابن هانئ:
سأبكي عليهِ مدةَ العمرِ إنَّني ... رأيتُ لبيداً في الوفاءِ مقصِّرا
عبد الحي بن أبي بكر، المعروف بطرَّز الرِّيحان أديب طرزه تطريز الرقاع بوشي تحبيراته، وفنه تحلية جيد الكلام بجواهر تعبيراته. تنتهي إليه محاسن الألفاظ، وترنو معانيه عن غمزات الألحاظ.
وله من الشعر، ما يسخر بالسحر. فلو كان لسواه في حيز الإمكان، استحقَّ أن يصلب عليه الملكان. إلى ظرف ريحانه يرف، وطبع هواه يشف. ومحاضرة مع الراح تتفق، ولا تفترق. وتأتلف، ولا تختلف.
إلا أنه كان عليه للهوى وثبات، لا يرجى له فيها قرارٌ وثبات.
فإذا عارضته رأيت غمرات بواعث طافحة، وجمرات لواعج لافحة. وهموماً على جوانح جوانح، وآلاماً منها في جوارح جوارح.
وكنت عاشرته لأستمطر ديمته، وأختبر في هذا المعرض شيمته. وكان عفَّ عن الصبوة ونسك، وكفَّ عن الشَّهوات وأمسك. ولم يبق فيه إلا بقية، تخلَّت على بيضاء نقية.
فرأيته مغلوب سورة طباعه، وقد استولت النَّفرة على طرف انطباعه. إلمامه فلتة غبي، وإغبانه فترة نبي.
فكنت معه على أحسن فطرة، لم تلحقني في هواه فترة. واختلست منه أوقاتاً كلمة شارق، وخطفة سارق. ونقر العصافير، خوف النواطير. وأنا من منذ فقدته لم أرَ عنه بدلاً، وأعطافي مملوءةٌ به ترنُّماً وجذلاً.
وكان في آخره حج ورجع رفيق زهدٍ وإنابة، فلم يلبث حتى دعاه الدَّاعي الذي لا بدَّ له من إجابة. فيا له من حجٍ وعمرة، ختم بطابع النقاء عمره. والحمد لله الذي أحسن له الاختيار، فقبضه إليه قبض الأخيار.
وقد أوردت من أشعاره التي هي فروع أماليه، ما يحرِّك الجمادات إذا ما تحرك تاليه.
فمن ذلك قوله في الغزل:
خلِّياني ولوعتي ونحيبي ... ليسَ إلا صابٍ بدمعٍ صبيبِ
وابكِياني فإنَّ من جرحَ اللَّح ... ظُ قتيلٌ وما له من طبيبِ
أيُّ صبٍّ سمعتما علِقته ... أعينُ الغيدِ فهو غيرُ سليبِ
بأبي معرِضٌ ألوف نفارٍ ... ذو اختلاقٍ نفنُّناً للذُّنوبِ
فِعله كلُّه حبائِل فتكٍ ... قد أعدَّت لصيدِ كلِّ القلوبِ

نام کتاب : نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة نویسنده : المحبي، محمد أمين    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست