ابن الحكم؛ فلما رآه يحيى، عدل إليه يسلم عليه، وسأله عن مقدمه وخبره، وتحفى به؛ ثم قال: " إني سأنفعك عند أمير المؤمنين ". يعني عبد الملك؛ فدخل الحسن على عبد الملك؛ فرحب به، وأحسن مساءلته؛ وكان الحسن بن الحسن قد أسرع إليه الشيب؛ فقال له عبد الملك: " قد أسرع إليك الشيب! " ويحيى بن الحكم في المجلس؛ فقال: " وما يمنعه، يا أمير المؤمنين؟ شيبه أماني أهل العراق: كل عام يقدم عليه منهم ركب يمنونه الخلافة! " فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال: " بئس الرفد - والله - رفدت! وليس كما قلت؛ ولكنا أهل البيت يسرع إلينا الشيب "، وعبد الملك يسمع؛ فأقبل عليه عبد الملك؛ فقال: " هلم ما قدمت له! " فأخبره بقول الحجاج؛ فقال: " ليس ذلك له! اكتب إليه كتاباً لا يجاوزه! " فوصله، وكتب إليه. ولما خرج من عنده، لقيه حيي ابن الحكم؛ فعاتبه الحسن على سوء محضره؛ فقال: " ما هذا الذي وعدتني به "، فقال له يحيى: " إيها عليك! والله ما يزال يهابك، ولولا هيبته إياك، ما قضى لك حاجة، وما ألوتك رفداً ".
وكان عبد الملك بن مروان قد غضب غضبة؛ فكتب إلى هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة، وهو عامله على المدينة، وكانت بنت هشام بن إسماعيل زوجة عبد الملك وأم ابنه هشام، فكتب إليه أن: " أقم آل علي على يشتمون علي بن أبي طالب، وأقم آل علي وآل عبد الله بن الزبير ذلك، وكتبوا وصاياهم؛ فركبت أخت لهشام، وكانت جزلة عاقلة، وقالت: " يا هشام! أتراك الذي تهلك عشيرته على يديه؟ راجع أمير المؤمنين! " قال: " ما أنا بفاعل! " قالت: " فإن كان لا بد من أمر، فمر آل علي يشتمون آل الزبير، ومر آل الزبير يشتمون آل علي! " قال: " هذه أفعلها! " قال: فاستبشر الناس بذلك،