نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 76
فترى الحمام تتجلل على الحرم كله فإذا قربت من البيت عرجت عنه يمينا أو شمالا والطيور سواها كذلك وقرأت في أخبار مكة إنه لا ينزل عليه طائر إلا عند مرض يصيبه فإما أن يموت لحينه أو يبرأ فسبحان من اورثه التشريف والتكريم.
ومن آياته أن بابه الكريم يفتح في الأيام المعلومة المذكورة والحرم قد غص بالخلق فيدخله الجميع ولا يضيق عنهم بقدرة الله عز وجل ولا يبقى فيه موضع إلا ويصلى فيه كل أحد ويتلاقى الناس عند الخروج منه فيسأل بعضهم بعضا هل دخل البيت ذلك اليوم فكل يقول دخلت وصليت في موضع كذا وموضع كذا حيث صلى الجميع ولله الآيات البينات والبراهين المعجزات سبحانه وتعالى.
ومن عجائب اعتناء الله تبارك وتعالى به إنه لا يخلو من الطائفين ساعة من النهار ولا وقتا من الليل فلا تجد من يخبر إنه رآه دون طائف به فسبحان من كرمه وعظمه وخلد له التشريف إلى يوم القيامة.
في أعلى بلاطات الحرم سطح يطيف بها كلها من الجوانب الأربعة وهو مشرف كله بشرفات مبسوطة مركنة في كل جانب من الشرفة ثلاثة أركان كأنها أيضا شرفات أخر صغار والركن الأسفل منها متصل بالركن الذي يليه من الشرفة الأخرى وتحت كل صلة منها ثقب مستدير في دور الشبر منفوذ يخترقه الهواء يضرب فيه شعاع الشمس أو القمر فيلوح كأنها أقمار مستديرة يتصل ذلك بالجوانب الأربعة كلها كأن الشرفات المذكورة بنيت شقة واحدة ثم أحد ثت فيها هذه التقاطيع والتراكين فجاءت عجيبة المنظر والشكل.
وفي النصف من كل جانب من الجوانب الأربعة المذكورة شقة من الجص معترضة بين الشرفات مخرمة فرجية طولها نحو الثلاثين شبرا تقديرا يقابل كل شقة منها صفحا[1] من صفحات الكعبة المقدسة قد علت على الشرفات كالتاج. [1] الصفح: الجانب والسفح.
نام کتاب : رحلة ابن جبير - ط دار بيروت نویسنده : ابن جبير جلد : 1 صفحه : 76