نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 40
الفكرة القائلة بأن كل لغة فيها أجزاء أساسية تتميز عن الإضافات اللاحقة، أن يحدد هذا العالم طبقات اللغات المختلفة وأن يميز منها الأجزاء التي كانت لها الأولية في التكوين. وقد يجازف العالم فيلقي بالجواب في بعض الأحيان. ولكن يجب أن نعترف في شجاعة بأن كل هذه الأجوبة لا قيمة لها. فالطريقة التي تقوم على الانتقال من المعلوم إلى المجهول عاجزة هنا؛ لأن المبادئ التي يبنى عليها تطور اللغات التي نعرفها لا تنطبق ضرورة على لغات كان يتكلمها أفراد تتجه عقليتهم اتجاها يخالف اتجاهنا, ودراسة اللغات تعلمنا أن نشوء اللغات ونموها لا يتم في تتابع منطقي ملتزما في سيره طريقا مستقيما, فمن الخطأ أن نتصور أن الخطة التي بنيت عليها دراسة "البور رويال" النحوية قد فرضت نفسها منذ البداية على العقل الإنساني ليتخذ منها إطارا يملؤه بالتدريج وعن طريق التتابع المنظم.
هذا وإنه ليوجد بين العلامة والشيء المدلول عليه بها، بين الصيغة اللغوية ومادة التصوير أي رباط مستمد من الطبيعة، ولكنه رباط مأخوذ من الظروف فحسب. ولقد ساد زمنا طويلا الاعتقاد بأن الحقيقة الأولى للغة كانت تقوم على إعطاء أسماء للأشياء، أي على خلق مفردات. وتلك هي الفكرة التي عبر عنها لكريس Lucrece في بيته الذي كثيرا ما ينشد وهو:
Utilitas expressit nomina rerum
"إن الضرورة هي التي تخلق المسميات"
الذي يعزو فيه بحق اللغة إلى سد الحاجات, وفي القرن الثامن عشر في فرنسا حاول الرئيس دي برس[1] De Brosses أن يفسر الصورة الخارجية للكلمات بالمعاني التي تعبر عنها هذه الكلمات. وكان غرضه أن يكتشف للأصوات نوعا من الرمزية، رغم أن الأوليين من البشر استخدموها في خلق كلمتهم. هذا المشروع لا يثير في أيامنا هذه إلا الابتسام. فإن ما هو مهم ليست تسمية الأشياء بهذه الكلمة أو تلك، وإنما هو إعطاء الكلمات بنوع من الاتفاق الضمني بين المتكلمين قيمة اسمية، إنما هو اتخاذها وسائل للتبادل، كما استعيض عن مقايضة الأشياء بعضها ببعض بالنقود أو بالأوراق النقدية. [1] Traite de la formation mecanique de langues باريس 1765, وقارن R. M. Meyer رقم 30 مجلد 12 ص243.
نام کتاب : اللغة نویسنده : جوزيف فندريس جلد : 1 صفحه : 40