نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 133
النحويين إلّا كل شعر فيه إعراب، ولم أرَ غاية رواة الأشعار إلا كل شعر فيه غريب أو معنى صعب يحتاج إلى الاستخراج، ولم أر غاية رواة الأخبار إلّا كل شعر فيه الشاهد والمثل"[1].
ولقد ضاق الشعراء ذرعًا بجراءة النحاة فنظموا الأشعار في هجائهم, والشكوى من غرورهم، لعل هجاءهم لهم ينفس شيئًا من كربهم.
ومن أشهر تلك الأشعار الهاجية قول عَمَّار الكلبيّ2:
ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
إن قلت قافيةً بكرًا بها ... بيت خلاف الذي قاسوه أو ذرعوا
قالوا لحنت، وهذا ليس منتصبًا ... وذاك خفض، وهذا ليس يرتفع
وحرَّضُوا بين عبد الله من حُمُقٍ ... وبين زيدٍ فطال الضرب والوجع
كم بين قوم قد احتالوا لمنطقهم ... وبين قوم على إعرابهم طُبِعُوا
ما كان قولي مشروحًا لكم فخذوا ... ما تعرفون، وما لم تعرفوا فَدَعُوا
لأنّ أرضي أرضٌ لا تشب بها ... نار المجوس ولا تُبْنَى بها البِيَعُ
ولم تقف سلطة النحاة عند الشعراء، بل جاوزتهم إلى القراء أيضًا، فإذا قرأ حمزة: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} بكسر الميم في "الأرحام"[3] أنكر النحاة قراءته وقالوا: لا يعطف على مضمر مخفوضٍ إلا بإعادة خافضه, وإذا قرأ ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [4] بضم "قتل" وفتح "أولادهم" وكسر "شركائهم" أنكر النحاة هذه [1] البيان والتبين 3/ 222.
2 معجم الأدباء 5/ 26. [3] انظر الإتحاف 185. وقارن بأسرار اللغة 132. [4] الإتحاف 217.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 133