نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 165
أن العربية لم تعد على شيء سوى الثلاثي[1].
وللباحثين المحدثين نظرات في اللغة يحسبونها أصلية بكرًا، حتى إذا درسوا آثار القدماء وتصانيفهم تبيَّنَ لهم أن الأولين لم يتركوا للآخرين كثيرًا، وأن علماء السلف الصالح قتلوا هذه الدرسات اللغوية بحثًا كما يقولون، حتى أتوا على جُلِّ ما نقترضه الآن من النظريات، واحتجوا لكل افتراض بشواهد تنطق بصوابه أو فساده.
من تلك النظرات التي يحسبها المحدثون جديدة، ما لاحظه بعضهم في أخذ الثلاثيات من الثنائيات من آثار النحت, فكثير من الصيغ الثلاثية منحوت من أصلين ثنائيين نحو: "قطف", ويفيد القطع والجمع، والأصل فيه: "قط+ لف"، الأول قطع، والثاني جمع, وبالاستعمال أهملت اللام ونقلت حركتها إلى ما قبلها فصارت قطف ... وهكذا في "بعج" فإنها ترد إلى "بَعْ بَجْ"[2].
إن مثل هذا المذهب ليس في الواقع إلّا صدًى لآراء بعض اللغويين القدماء في النحت، وفي طليعتهم ابن فارس الذي يؤكد "أن للرباعي والخماسي مذهبًا في القياس، يستنبطه النظر الدقيق, وذلك أن أكثر ما تراه منه منحوت, ومعنى النحت: أن تؤخذ كلمتان وتنحت منهما كلمة تكون آخذةً منهما جميعًا بحظ"[3].
والباحثون العصريون، رغم اقتباسهم أصول هذا المذهب من الكتب [1] المصدر نفسه 203. [2] الفلسفة اللغوية 58. [3] المقاييس 1/ 328-329, وقد ذكر ابن فارس طائفة من الأمثلة نختار منها: "بحثرت الشيء" إذا بددته. فهذه منحوتة من كلمتين: إحداهما: بحث الشيء في التراب, والأخرى: البثر الذي يظهر على البدن؛ وهو عربي صحيح معروف, ولنا إلى هذا الموضع عودة في "فصل النحت".
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 165