نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 166
اللغوية القديمة[1]، خيل إليهم أنهم قد ابتكروه؛ لأنهم حين عرضوه أحدثوا فيه شيئًا من التبديل، فما ردوا الرباعي وما فوقه إلى كلمتين ثلاثيتين، بل ضيقوا دائرة البحث وردوا الثلاثي الذي لم تَعُد العربية على شيء سواه إلى كلمتين ثنائيتين، مبالغة في تقصير الكلمات، وإثبات ضآلتها وقلة أصواتها في نشأتها الأولى.
ولا ينادي بمثل هذا الرأي على ذاك النحو في الغلو إلّا مولع بضروب الاشتقاق، مأخوذ بما في الألفاظ من دلالة سحرية، مؤمِنٌ بأن السوابق واللواحق بقايا كلمات قديمة مستعملة [2], ولكن الغلو في الاشتقاق والنحت لا يأتي بخير[3]، وكذلك الذهاب إلى تقصير الألفاظ في نشاتها الأولى لم تقم الأدلة دامغةً على صحته، وإن كان أنصاره كثيرين في الشرق والغرب, ولقد قام مذهب يعاكس اتجاهه ويعارضه جملة وتفصيلًا.
فمن علماء اللغة الغربيين اليوم مَنْ يرجِّحُ أن الكلمات بدأت طويلة في أصل بنائها، ثم أسهمت طائفة من العوامل المختلفة في تقصيرها, فكان في معظم اللغات ألفاظ كثيرة الحروف في أقدم نصوصها وأشدها إيغالًا في الماضي السحيق، ثم تطورت اللغات, وكان من أمارات تطورها ميلها نحو التقصير من بنية كلماتها، وتيسير أصواتها، وتجريديها من تنافر الحروف4.
ومع علمنا بأنه لا يكفي لإثبات النظرية الثنائية -تاريخيه أو معجمية- أن نسوق عشرات أو مئات من الألفاظ فيها هذه الظاهرة في [1] وقد اعترف جرجي زيدان بأن هذا النحت رأي بعض اللغويين في الرباعي، لكنه لم ير مانعًا من إطلاقه على الثلاثي أيضًا "الفلسفة اللغوية 58". [2] فندريس 216. [3] قارن بمنهج البحث في اللغة "مييه" ترجمته مندور "108".
Jerpersen. Language, its natueue etc., 415.
نام کتاب : دراسات في فقه اللغة نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 166